ولكن القرآن يرد عليهم ويقول: {تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين * بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} (1) فإن قوله سبحانه: {بلى من أسلم} يعني الإيمان الخالص وقوله: {وهو محسن} يعني العمل وفق ذلك الإيمان، وكلتا الجملتين تدلان على أن السبيل الوحيد إلى النجاة يوم القيامة هو الإيمان والعمل لا الانتساب إلى اليهودية والنصرانية، فليست المسألة مسألة أسماء، وإنما هي مسألة إيمان صادق وعمل صالح.
3 - الهداية في اعتناق اليهودية والنصرانية!
وهذا الزعم غير الزعم الثاني، ففي الثاني كانوا يقتصرون في النجاة بالانتماء إلى الأسماء، وفي الأخير يتصورون أن الهداية الحقيقية تنحصر في الاعتناق باليهودية والنصرانية {وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا} (2) والقرآن الكريم يرد هذه الفكرة كما سبق، ويقول إن الهداية الحقيقية تنحصر في الاقتداء بملة إبراهيم واعتناق مذهبه في التوحيد الخالص الذي أمر الأنبياء بإشاعته بين أممهم، قال سبحانه: {قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين} (3) وفي آية أخرى {ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين} (4).
نستخلص من كل هذه الآيات أن اليهود والمسيحيين وبخاصة القدامى منهم كانوا يحاولون - بهذه الأفكار الواهية - التفوق على البشر، والتمرد على تعاليم الله،