أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٥٣٧
شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات} (1).
وقال سبحانه: {ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون} (2).
وخلاصة القول: إن السنن مختلفة، فللتوراة شريعة، وللإنجيل شريعة، وللقرآن شريعة، ولكن الدين هو الأصول والعقائد والأحكام التي تساير الفطرة الإنسانية ولا تخالفها واحدة منها.
وهاتان الآيتان لا تهدفان إلى اختلاف الشرائع في جميع موادها، ومواردها اختلافا كليا بحيث تكون النسبة بينها نسبة التباين، كيف وهو سبحانه يأمر نبيه بالاقتداء بهدى أنبيائه السالفين ويقول: {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} (3).
نعم جاءت الرسل تترى، وتواصلت حلقات النبوة في الأدوار الماضية إلى أن بعث الله آخر سفرائه فأتم نعمته وأكمل به دينه، فأصبح المجتمع البشري في ظل دينه الكامل، وكتابه الجامع، غنيا عن تواصل الرسالة وتعاقب النبوة، وأصبح البشر غير محتاجين إلى إرسال أي رسول بعده، إذ جاء الرسول بأكمل الشرائع وأتقنها وأجمعها للحقوق وبكل ما يحتاج إليه البشر في أدوار حياتهم وأنواع تطوراتهم، وفي الوقت نفسه فيها مرونة تتمشى مع جميع الأزمنة والأجيال، من دون أن تمس جوهر الرسالة الأصلي بتحوير وتحريف. وإليك أدلة خاتميته من الكتاب أولا، والسنة ثانيا، أما الكتاب ففيه نصوص:

(١) المائدة: ٤٨ أي جعلنا لكل من موسى وعيسى ومحمد (عليهم السلام) أو لكل من أمم التوراة والإنجيل والقرآن شريعة وطريقا خاصا إلى ما هو الهدف الأقصى من بعث الرسل ومنهاجا واضحا، والاختلاف بين الكتب والشرائع جزئي لا كلي، والنسخ في بعض الأحكام لا في جميعها.
(٢) الجاثية: ١٨.
(٣) الأنعام: ٩٠.
(٥٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 532 533 534 535 536 537 538 539 540 541 542 ... » »»