أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٥٣٤
الخاتمية في الذكر الحكيم اتفقت الأمة الإسلامية - عن بكرة أبيها - على أن نبيهم محمدا (صلى الله عليه وآله) خاتم النبيين، وأن دينه خاتم الأديان، وكتابه خاتم الكتب والصحف، فهو (صلى الله عليه وآله) آخر السفراء الإلهيين، أوصد به باب الرسالة والنبوة، وختمت به رسالة السماء إلى الأرض.
لقد اتفق المسلمون كافة على أن دين نبيهم دين الله الأبدي، وكتابه كتاب الله الخالد ودستوره الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وقد أنهى الله إليه كل تشريع وأودع فيه أصول كل رقي، وأناط به كل سعادة ورخاء، فاكتملت بدينه وكتابه الشرائع السماوية التي هي رسالة السماء إلى الأرض.
توضيحه: أن الشريعة الإلهية الحقة التي أنزلها الله تعالى إلى أول سفرائه لا تفترق جوهرا عما أنزله على آخرهم، بل كانت الشريعة السماوية في بدء أمرها نواة قابلة للنمو والنشوء، فأخذت تنمو وتستكمل عبر القرون والأجيال، حسب تطور الزمان وتكامل الأمم، وتسرب الحصافة إلى عقولهم، وتسلل الحضارة إلى حياتهم.
ويفصح عما ذكرنا قوله سبحانه: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا...} (1) فقد وصى نبينا محمدا بما وصى به نوحا، من توحيده سبحانه وتنزيهه عن الشرك، والدعوة إلى مكارم الأخلاق والتنديد بالجرائم الخلقية، والقضاء على أسبابها، إلى غير ذلك مما تجده في صحف الأولين والآخرين.
وتتجلى تلك الحقيقة الناصعة، أي وحدة الشرائع السماوية من مختلف الآيات

(٥٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 529 530 531 532 533 534 535 536 537 538 539 ... » »»