لقد بعث الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) سفراءه إلى أنحاء المعمورة لنشر دعوته فيها وبيد كل واحد منهم كتاب يعبر عن عالمية دعوته، فقد بعث إلى قيصر الروم، وكسرى فارس، وعظيم القبط، وملك الحبشة، والحارث بن أبي شمر الغساني ملك تخوم الشام، وحوزة بن علي الحنفي ملك اليمامة، وغيرهم من ملوك العرب وشيوخ القبائل والأساقفة، والمرازبة، والعمال، وهذه المواثيق أوضح دليل على أن رسالته عالمية لا تحد بحد، بل تجعل الأرض كلها ساحة لإشاعة دينه وتطبيق شريعته.
هذا والبراهين على عالمية دعوته كثيرة لا مجال لذكرها.
نعم ربما قد تظهر بعض المغالطات من النصارى القدامى في هذه النقطة، حيث حاولوا تحجيم أمر الرسالة وتخصيصها بمكان وعنصر خاصين، وليست شبهاتهم قابلة للذكر.
كيف وبيانات القرآن وخطاباته للبشر كافة ومواثيق الرسول ودعواته المتجاوزة حدود الجزيرة العربية، واجتياح جيوش المسلمين ورجالهم أرض غير العرب، واستقرار الأمة الإسلامية في أكثر مناطق المعمورة بل معظمها يومذاك، أبطلت هذه المغالطات وجعلتها في مدحرة البطلان، ولذلك نعود إلى الملمح الثاني من ملامح الشريعة الإسلامية، في بحثنا وهو خاتميتها، وهي تعني:
أنها آخر الشرائع، وأن المبعوث بها هو خاتم الأنبياء، فشريعته خاتمة الشرائع، وهذا ما نحاول دراسته في هذه الرسالة، ونستدل عليه عن طريق الكتاب والسنة ونحلل الإشكالات المثارة حوله كل ذلك في ضمن فصول.