الثاني: قرأ نافع وابن عامر وعاصم - في رواية حفص عنه - بالنصب.
أما القراءة بالجر فهي تقتضي كون الأرجل معطوفة على الرؤوس فكما وجب المسح في الرأس، فكذلك في الأرجل.
فإن قيل لم لا يجوز أن يكون الجر على الجوار؟ كما في قوله: " جحر ضب خرب " وقوله: " كبير أناس في بجاد مزمل ".
قيل: هذا باطل من وجوه:
1 - إن الكسر على الجوار معدود من اللحن الذي قد يتحمل لأجل الضرورة في الشعر، وكلام الله يجب تنزيهه عنه.
2 - إن الكسر على الجوار إنما يصار إليه حيث يحصل الأمن من الالتباس كما في قوله: " جحر ضب خرب " فإن " الخرب " لا يكون نعتا للضب بل للجحر، وفي هذه الآية الأمن من الالتباس غير حاصل.
3 - إن الكسر بالجوار إنما يكون بدون حرف العطف وأما مع حرف العطف فلم تتكلم به العرب.
وأما القراءة بالنصب فهي أيضا توجب المسح، وذلك لأن " برؤوسكم " في قوله: " فامسحوا برؤوسكم " في محل النصب (1) بامسحوا لأنه المفعول به، ولكنها مجرورة لفظا بالباء، فإذا عطفت الأرجل على الرؤوس جاز في الأرجل النصب عطفا على محل الرؤوس، وجاز الجر عطفا على الظاهر.
نزيد بيانا إنه على قراءة النصب يتعين العطف على محل برؤوسكم، ولا يجوز العطف على ظاهر {أيديكم} لاستلزامه الفصل بين العاطف والمعطوف عليه بجملة