وذلك لأن الاعتقاد بالبداء نظير الاعتقاد بتأثير التوبة والشفاعة يوجب رجوع العبد عن التمادي في الغي والضلالة، والإنابة إلى الصلاح والهداية.
البداء في مقام الإثبات إذا عرفت ما ذكرنا فاعلم: أن المراد من البداء في مقام الإثبات هو وقوع التغير في بعض مظاهر علمه سبحانه، فإن لعلمه سبحانه مظاهر، منها: ما لا يقبل التغيير، ومنها ما يقبل ذلك.
أما الأول: فهو المعبر عنه ب " اللوح المحفوظ " تارة وب " أم الكتاب " أخرى، قال سبحانه: {بل هو قرآن مجيد * في لوح محفوظ} (1). وقوله تعالى: {وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم} (2).
وقال سبحانه: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير} (3).
فاللوح المحفوظ وأم الكتاب يمكن التعبير عنه بأنه ذلك الكتاب الذي كتب فيه ما يصيب الإنسان طيلة حياته من بلايا وفتن ونعيم وسرور بشكل لا يمكن أن يتطرق إليها المحو والإثبات قدر شعرة، ولأجل ذلك لو تمكن الإنسان أن يتصل به، لوقف على الحوادث على ما هي عليه بلا خطأ ولا تخلف.
أما الثاني: فهو لوح المحو والإثبات الذي أشار إليه سبحانه بقوله: {يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} (4) فالأحكام الثابتة فيه أحكام معلقة على