حاله بحسن فعله أو سوئه، يتغير القضاء ويتبدل القدر، ويخلف قضاء وقدر آخر مكانهما الأول، وكل هذه أيضا قضاء وقدر منه، كما لا يخفى.
وهذا (البداء في الثبوت) أولى من التسمية بالمحو والإثبات، والتغيير والتبديل في الكون وفي مصير الإنسان، غير أن المحو والإثبات في الكون بيد الله سبحانه، يتصرف فيه حسب مشيئته، ولا دخل لإرادة الإنسان وفي صلاح فعله وفساده، وأما التغيير في مصير الإنسان فيتوقف تعلق المشيئة عليه، على كيفية حال العبد وكيفية عمله من حسن أو قبح.
الأثر التربوي للاعتقاد في البداء:
الاعتقاد بالمحو والإثبات، وأن العبد قادر على تغيير مصيره بأفعاله وأعماله، لا بد من أن يبعث الرجاء في قلب من يريد أن يتطهر، وينمي نواة الخير الكامنة في نفسه. فتشريع البداء، مثل تشريع قبول التوبة، والشفاعة، وتكفير الصغائر بالاجتناب عن الكبائر، كلها لأجل بعث الرجاء وإيقاد نوره في قلوب العصاة والعتاة، حتى لا ييأسوا من روح الله، ولا يتولوا بتصور أنهم من الأشقياء وأهل النار قدرا، وأنه لا فائدة من السعي والعمل، فلعلم الإنسان أنه سبحانه لم يجف قلمه في لوح المحو والإثبات، وله أن يمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء، يسعد من يشاء، ويشقي من يشاء " وليست مشيئته جزافية غير تابعة لضابطة عقلية " لأن العبد لو تاب، وعمل بالفرائض، وتمسك بالعروة الوثقى، فإنه يخرج من سلك الأشقياء، ويدخل في صنف السعداء، وبالعكس. وهكذا فإن كل ما قدر في حقه من الموت والمرض والفقر والشقاء يمكن تغييره بالدعاء، والصدقة، وصلة الرحم، وإكرام الوالدين، وغير ذلك، فجميع هذا من باب الرحمة الإلهية لأجل بث الأمل في قلب الإنسان، وعلى هذا فالاعتقاد بذلك من ضروريات الكتاب وصريح آياته