أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٤٦
سنة (136 ه‍)، قضى وقته في تتبع الأمويين والقضاء عليهم، وهو وإن لم يتعرض للعلويين، لكنه تنكر لهم ولشيعتهم، بل وأوعز إلى الشعراء أن يتعرضوا لأولاد علي وأهل بيته في محاولة مدروسة للنيل من منزلتهم وتسفيه الدعوة المطالبة بإيكال أمر الخلافة الإسلامية إليهم. هذا محمد أحمد براق يقول في كتابه " أبو العباس السفاح ": " إن أصل الدعوة كان لآل علي، لأن أهل خراسان كان هواهم في آل علي لا آل العباس، لذلك كان السفاح ومن جاء بعده مفتحة عينوهم لأهل خراسان حتى لا يتفشى فيهم التشيع لآل علي... وكانوا يستجلبون الشعراء ليمدحوهم، فيقدمون لهم الجوائز، وكان الشعراء يعرضون بأبناء علي وينفون عنهم حق الخلافة، لأنهم ينتسبون إلى النبي عن طريق ابنته فاطمة، أما بنو العباس فإنهم أبناء عمومة " (1).
2 - ثم جاء بعده أبو جعفر المنصور، وبالرغم مما أثير حوله من منزلة ومكانة وذكاء، إلا أن في ذلك مجافاة عظيمة للحق وابتعادا كبيرا عن جادة الصواب، نعم حقا إن هذا الرجل قد ثبت أركان دولته وأقام لها أسسا قوية صلبة، إلا أنه أسرف كثيرا في الظلم والقسوة والإجرام بشكل ملفت للأنظار، ويكفي للإلمام بجرائمه وقسوته ما كتبه ابن عبد ربه في العقد الفريد عن ذلك حيث قال:
إن المنصور كان يجلس ويجلس إلى جانبه واعظا، ثم تأتي الجلاوزة في أيديهم السيوف يضربون أعناق الناس، فإذا جرت الدماء حتى تصل إلى ثيابه، يلتفت إلى الواعظ ويقول: عظني فإذا ذكره الواعظ بالله، أطرق المنصور كالمنكسر ثم يعود الجلاوزة إلى ضرب الأعناق، فإذا ما أصابت الدماء ثياب المنصور ثانيا قال لواعظه: عظني!! (2).

(1) أبو العباس السفاح: 48، كما في الشيعة والحاكمون: 139.
(2) العقد الفريد 1: 41.
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»