أرجو أن أمتثل رأي أمير المؤمنين - أيده الله - فيهم، إن شاء الله. قال: إذا تسعد بذلك عندي (1).
12 - وقام بعده المستعين بالأمر، فنقض كلما غزله المنتصر من البر والإحسان، ومن جرائمه أنه قتل يحيى بن عمر بن الحسين، قال أبو الفرج:
وكان - رضي الله عنه - رجلا فارسا شجاعا، شديد البدن، مجتمع القلب، بعيدا من رهق الشباب وما يعاب به مثله، ولما أدخل رأسه إلى بغداد جعل أهلها يصيحون من ذلك إنكارا له، ودخل أبو هاشم على محمد بن عبد الله بن طاهر، فقال: أيها الأمير، قد جئتك مهنئا بما لو كان رسول الله حيا يعزى به.
وأدخل الأسارى من أصحاب يحيى إلى بغداد ولم يكن فيما رؤي قبل ذلك من الأسارى أحد لحقه ما لحقهم من العسف وسوء الحال، وكانوا يساقون وهم حفاة سوقا عنيفا، فمن تأخر ضربت عنقه.
قال أبو الفرج: وما بلغني أن أحدا ممن قتل في الدولة العباسية من آل أبي طالب رثي بأكثر مما رثي به يحيى، ولا قيل فيه الشعر بأكثر مما قيل فيه.
أقول: إن العباسيين قد أتوا من الجرائم التي يندى لها الجبين وتقشعر منها الجلود في حق الشيعة بحيث تغص بذكرها المجلدات الكبيرة الواسعة، بل وفاقوا بأفعالهم المنكرة ما فعله الأمويون من قبل، ولله در الشاعر حيث قال:
تالله إن كانت أمية قد أتت * قتل ابن بنت نبيها مظلوما فلقد أتاه بنو أبيه بمثلها * هذا لعمرك قبره مهدوما أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا * في قتله فتتبعوه رميما ومن أراد أن يقف على سجل جرائم الدولتين (الأموية والعباسية) وملف