وانحرافهم عنه وعن العترة ظاهر، إلى حد أنهم كانوا يهملون من ذكر عليا بخير (1) ويحذر الإمام الصادق (عليه السلام) شيعته عن ذكر علي وفاطمة (عليهما السلام) بقوله: " إياكم وذكر علي وفاطمة فإنه ليس شئ أبغض إلى الناس من ذكر علي وفاطمة " (2) ويذكرون أن بشار بن ميمون جاء إلى بغداد فروى عن جعفر بن محمد فانتشر الناس عنه وقد كان الاجتناب عن ذكر فتاوى علي وكل المأثورات عنه من سياسة بني أمية.
ولما سأل الحجاج الشعبي عن مسألة من الإرث فقال الشعبي فيه ستة من الأقوال لصحابة الرسول (صلى الله عليه وآله) فسأله عن أقوالهم تفصيلا - إلى أن قال - فما يقول فيه أبو تراب؟ فلما ذكره له ضرب الحجاج على أنفه وقال ورم الله أنفه إنه المرء يرغب عن قوله (3) وهذه الكلمة تنبئ عن خطة ثابتة مستمرة فيهم، وأن هذه الرغبة قد بقيت فيهم حتى بعد انقراض ملك بني أمية، وكان الإمام مالك لم يرو حديثا عن علي (عليه السلام) مدة ملك بني أمية.
وقد أثرت هذه النزعة في أهل الحديث في مدة تدوين الحديث، أي في قرن التدوين (هو من سنة 143 إلى سنة 280 تقريبا) في ذكر بعض الأحاديث وعدم ذكر بعض آخر والزيادة في بعض والنقص في الآخر وفي تعديل الرواة وتضعيفهم مبنيا على مذهب الرواة ولذا استشكل ابن حجر في الجرح والتعديل في الرواة فقال: وقد كنت أستشكل توهينهم الشيعة مطلقا وتوثيقهم النواصب غالبا (4).
ومن هذا القبيل وصفهم لبعض رواة الشيعة بالحمق ولبعض النواصب بالكيس