أحاديث أهل البيت (ع) عن طرق أهل السنة - مهدي الحسيني الروحاني - ج ١ - الصفحة ١١
ولهذه التأثيرات ما رآه خارجا ابن عون فقال: " أدركت أحاديث ليس بمعروفة هي معروفة اليوم " (1) وعرفت قصة بشار بن ميمون لما روى عن الإمام جعفر بن محمد (عليه السلام) تفرق المحدثون عنه.
وأما الشيعة بعد شهادة علي (عليه السلام) فقد كانوا ملتزمين بالأخذ عن آل محمد (عليهم السلام) في علوم الدين اتباعا لأحاديث الغدير والثقلين وكان ذلك معلوما من الشيعة عند ملوك عصرهم، فقد كتب هشام بن عبد الملك إلى واليه بالكوفة في أمر زيد بن علي (رحمه الله) سنة 122 ه‍: " أما بعد فقد علمت بحال أهل الكوفة في حبهم أهل هذا البيت ووضعهم إياهم في غير مواضعهم لأنهم افترضوا على أنفسهم طاعتهم ووظفوا على أنفسهم شرائع دينهم ونحلوهم علم ما هو كائن... " (2) وكانت الشيعة أولا قبل ظهور الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) لم يكن عندهم شئ من العلوم إلا ما يرويه عدة من صحابة أمير المؤمنين، مثل الحارث الأعور الهمداني وعاصم بن ضمرة الليثي وما يرويه العامة عنه، ولكن بظهور أبي جعفر (عليه السلام) كثر علماء الشيعة كما كثرت الروايات والعلوم عندهم وبعده زاد الرواة والروايات عن الصادق (عليه السلام) وعلى حسب تعبير الجاحظ هو الذي ملأ العالم فقها وحديثا (3) وكثر العلماء المتكلمون الداعون إلى التشيع، مثل زرارة ومؤمن الطاق أبو جعفر الأحول وأشهر المتكلمين في التشيع هشام بن الحكم.
وكيف كان لم يكن من أوامر أئمة أهل البيت الاجتناب عما يرويه غير الشيعة عنهم، فروى أبو بصير عن أبي جعفر أو أبي عبد الله (عليهما السلام): " لا تكذبوا الحديث إذا أتاكم به مرجئ ولا قدري ولا حروري نسبه الينا فإنكم لا تدرون لعله شئ من الحق فيكذب الله فوق عرشه " (4).

(١) المعرفة والتاريخ: ج ٢ ص ٢٦٦.
(٢) تاريخ الطبري: ج ٥ ص ٤٨٩.
(3) الإمام الصادق (عليه السلام): ج 1 / 55 عن رسائل الجاحظ.
(4) المحاسن للبرقي: محاسن الظلم ج 1 ص 175.
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»