طريق وأسلوب آخر، وهو الفطرة الواضحة، والتي غفل عنها البشر، فيخاطب البشر بها، ويعرف الله جل شأنه عن طريقها.
فالقرآن الكريم، يتخذ طرقا شتى لأجل معرفة الله تعالى للبشر كافة، فهو يلفت الانظار، ويوجه الأفكار غالبا إلى خلقة العالم، والنظام والتنسيق القائم فيه، ويدعو إلى ملاحظة ودراسة الآفاق والأنفس، ذلك بان الانسان في حياته المحدودة، لا يتخلف ولا يخرج عن الطبيعة والنظام الحاكم فيها مهما سلك من سبل، واستغرق من حالات، ولن يغض النظر عن المشاهد الخلابة، سواء في الأرض أو في السماء، بما أوتي من شعور وادراك.
ان عالم الوجود 1 بما يتصف من سعة فان كل جزء منه، بل وجميع اجزائه معرضة للتغيير والتبديل المستمرين، وتظهر في كل لحظة بشكل جديد غير سابقتها.
ووفقا للقوانين التي لا تقبل الاستثناء، يتحقق ما يجب تحققه، والكون بما فيه من أبعد مجرة إلى أصغر ذرة، والتي تؤلف العالم أجمع، ينطوي على نظام واضح بين، تجري وفقا لقوانين مدهشة ومحيرة للعقول، وتسير عملها من أدنى حالة إلى أكملها، كي توصلها إلى الهدف الأسمى وهو الكمال.
وفوق الأنظمة الخاصة، توجد أنظمة أعم، وهي النظام العام للكون، الذي يربط اجزاءه العديدة التي لا تحصى بعضها ببعض، ويوفق بين الأنظمة الجزئية، ويربطها بعضها بالبعض الآخر، فهي في سيرها المستمر لن تتصف بالاستثناء أو الاختلال.