8. الانسان والاختيار كل ما يقوم به الانسان من فعل، يعتبر ظاهرة من ظواهر عالم الخلقة، ويرتبط تحققه كسائر الظواهر بالعلة ارتباطا كاملا، وبما ان الانسان هو جزء من عالم الخلقة، ويرتبط مع سائر الأجزاء الأخرى من العالم، فإنها بدورها تؤثر في أفعال الانسان.
وعلى سبيل المثال، فان قطعة الخبز التي يريد الانسان تناولها، يستلزم الوسائل كاليد والفم والعلم والقدرة والإرادة، ويستلزم أيضا وجود الخبز في الخارج، وفي متناول يده، وعدم المانع والحاجز، وشروط أخرى، من زمان أو مكان، ومع فقدان إحداها يتعذر تحقق الفعل، ومع تحقق كل تلك العوامل (تحقق العلة التامة) فان تحقق الفعل ضروري.
وكما أشرنا آنفا، فان ضرورة الفعل بالنسبة إلى مجموع اجزاء العلة التامة تعتبر نسبة امكان، ولا يتنافى مع نسبة الفعل إلى الانسان الذي هو أحد أجزاء العلة التامة.
ان الانسان له اختيار الفعل وضرورة نسبة الفعل إلى مجموع اجزاء العلة، لا يستلزم الضرورة بالنسبة إلى فعل بعض من أجزائها وهو الانسان.
والادراك البسيط للانسان يؤيد هذا القول، فإننا نراه يميز بحكم الفطرة الإلهية المودعة لديه، يميز بين الأكل والشرب، والذهاب والإياب، وبين الصحة والسقم، والكبير والصغير، والقسم الأول الذي يرتبط بإرادة الانسان ارتباطا مباشرا، يعتبر من إرادة الشخص، فيحاسب في مواضع الأمر