3. ارشاد الكتاب والسنة إلى معرفة النفس، ومناهجها ان الله تعالى جل شأنه، يأمر الناس في آيات متعددة في كتابه المجيد، ان يتدبروا القرآن، ويعملوا به، ولا يقنعوا أنفسهم بالفهم والادراك السطحي للقرآن، وبين في كثير من آياته ان عالم الطبيعة بما فيها (دون استثناء) آيات ودلالات له جل جلاله.
فلو تأملنا وتدبرنا معنى الآية والدلالة، يتضح ان الآية والدلالة هي التي تشير إلى شئ آخر لا إلى نفسها، فعلى سبيل المثال، ان الذي يرى الضوء الأحمر، المشعر بالخطر، فأنه مع مشاهدته للضوء يتبادر إلى ذهنه الخطر ذاته، ولا يلتفت إلى الضوء نفسه، وإذا ما فكر في الضوء نفسه، أو ماهية الزجاج أو لونه، فذهنه يصور له الضوء أو الزجاج أو اللون، ولا يصور له مفهوم الخطر.
اذن إذا كان العالم وظواهره، آيات ودلالات لخالق العالم، فان وجودها ليست مستقلة، ولو شوهدت بأي شكل أو أية صورة، فأنما ترشد إلى وجوده سبحانه، والذي ينظر إلى العالم والعالمين بهذا المنظار، ووفقا لتعاليم القرآن الكريم وهدايته، لا يرى الا الله سبحانه، وبدلا من أن يرى جمال العالم، فإنه يرى جمالا أزليا غير متناه، والذي يتجلى من هذه الزاوية (زاوية العالم)، وعندئذ يهب حياته، وينسى ذاته، ويفنى في حب الله جل شأنه.
وهذا الادراك - كما يتضح - لا يحصل عن طريق الحواس، كالعين والأذن، ولا عن طريق الخيال والعقل، لأن هذه لم تكن سوى آيات ودلالات، فهي في غفلة عن هذه الدلالة والهداية.
وهذا الطريق، الذي لابد لسالكه ان ينسى كل شئ سوى الله تعالى،