العميقة جدا.
لم تكن للصحابة ولا التابعين الذين جاؤوا بعد الصحابة، والعرب بصورة عامة في ذلك اليوم، أية معرفة بالتفكر الفلسفي الحر، ولم نجد في أقوال العلماء في القرنين الأولين للهجرة، نماذج من التدقيق والتتبع، بينما نجد الأقوال الرصينة لأئمة الشيعة، وخاصة الامام الأول والثامن، تحتوي على كنوز من الأفكار الفلسفية، كما علموا تلاميذهم هذا اللون من التفكير.
نعم كان العرب بعيدين عن التفكر الفلسفي، حتى شاهدت نموذجا منها في ترجمة بعض الكتب الفلسفية اليونانية، المترجمة إلى العربية في أوائل القرن الثاني للهجرة، وبعدها، ترجمت كتب متعددة في أوائل القرن الثالث الهجري من اليونانية والسريانية وغيرها إلى العربية، وآنذاك أصبحت طريقة التفكر الفلسفي في متناول أيدي العموم، ومع هذا الوصف، فان الكثيرين من الفقهاء والمتكلمين، لم يبدوا اهتماما بالفلسفة وسائر العلوم العقلية، والتي وردت إليهم حديثا، وان كانت هذه المخالفة في بداية الامر ذات أهمية، بفضل الالتفات الخاص الذي كانت تبديه السلطة الحاكمة آنذاك لمثل هذه العلوم.
ولكن بعد زمن تغيرت الأوضاع والأحوال، فمنعت دراسة هذه العلوم، والقي في البحر بعض الكتب الفلسفية، وما كتاب رسائل اخوان الصفا وهو من نتاج فكري لعديد من مؤلفين، الا مذكر بتلك الفترة، فهو خير دليل على كيفية الأوضاع المضطربة في ذلك الزمن، وبعد هذه الفترة، أي في أوائل القرن الرابع الهجري، ظهرت الفلسفة ونمت، على يد أبي نصر الفارابي. وفي أوائل القرن الخامس للهجرة، وأثر مساعي الفيلسوف المشهور أبي علي سينا اتسعت الفلسفة اتساعا بالغا، وفي القرن السادس أيضا، نقح الشيخ السهروردي فلسفة الاشراق، وقد قتل بهذه التهمة، وبأمر من الحاكم صلاح الدين الأيوبي، وبعدها ارتحلت قصة الفلسفة من بين الكثيرين، ولم ينبغ فيلسوف شهير، حتى جاء القرن السابع الهجري، فظهر في الأندلس