الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٦٥
الاسلامية دون نقاش، ثم ينتقل إلى الاحتجاج العقلي، ويستنتج منها المعارف الاسلامية، انطلاقا من الاعتماد الكامل على واقعيته إذ يقول، محصوا في الاحتجاج العقلي، واستنبطوا منه صحة المعارف، ومن ثم القبول والرضا.
وما يسمع من كلام عن الدعوة الاسلامية، يمكن التأمل فيه، والاستفسار عنه، والاصغاء إلى قول الخالق. وبالتالي، فان التصديق والايمان يجب ان يحصل عليه بدليل أو حجة، وليس المراد الايمان مسبقا، ثم إقامة الأدلة وفقا له، فالفكر الفلسفي طريق يدعمه القرآن الكريم ويصادق عليه، ومن جهة أخرى نرى القرآن الكريم وبأسلوبه الرائع، يوضح لنا ان جميع المعارف الحقيقية تنبع من التوحيد ومعرفة الله حقيقة، وما كمال معرفة الله جل وعلا، الا لأولئك الذين جعلهم الله من خير عباده، وخصصهم لنفسه، وهم الذين قد قطعوا علائقهم وارتباطهم بهذا العالم، ونسوا كل شئ، وإثر الاخلاص والعبودية، وجهوا قواهم إلى العالم العلوي، ونوروا قلوبهم بنور الله سبحانه، ونظروا ببصيرتهم حقائق الأشياء، وملكوت السماوات والأرض، لانهم قد وصلوا إلى مرحلة اليقين، أثر اخلاصهم وعبوديتهم، وعند حصولهم هذه المنزلة (اليقين)، انكشفت لهم ملكوت السماوات والأرض، والحياة الخالدة في العالم الخالد.
ويتضح هذا الادعاء مع الالتفات إلى الآيات الكريمة التالية:
قوله تعالى: وما أرسلنا من قبلك من رسول الا نوحي إليه انه لا اله الا انا فاعبدون 1.
وقوله تعالى: سبحان الله عما يصفون الا عباد الله المخلصين 2.
ويقول تعالى: قل انما انا بشر مثلكم يوحى إلي انما إلهكم اله واحد

(1) سورة الأنبياء الآية 25، ويفهم من الآية ان العبادة في الدين، فرع للتوحيد، وعليه يبنى.
(2) سورة الصافات الآية 159، ان الوصف فرع من المعرفة والادراك، ويفهم من الآية ان المخلصين فحسب يعرفون الله حق معرفته، والله منزه عن وصف الآخرين له.
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»