(ولقد قالوا: إن عدم الخطأ في الحكم مخصوص بالأنبياء أكد الخصوصية والشيخ رضي الله عنه يخالفهم في ذلك، لحديث ورد في شأن الإمام المهدي الموعود، على جده وعليه الصلاة والسلام - كما ذكر ذلك صاحب (اليواقيت) منه حيث قال - صرح الشيخ رضي الله عنه في (الفتوحات) بأن الإمام المهدي يحكم بما ألقى إليه الالهام من الشريعة، وذلك أنه يلهمه الشرع المحمدي فيحكم به، كما أشار إليه حديث المهدي (أنه يقفو أثري لا يخطئ) فعرفنا (ص) أنه متبع لا مبتدع، وأنه معصوم في حكمه، إذ لا معنى للمعصوم في الحكم إلا أنه لا يخطئ وحكم رسول الله (ص) لا يخطئ، فإنه (ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) وقد أخبر عن المهدي أنه لا يخطئ، وجعله ملحقا بالأنبياء في ذلك الحكم، وأطال صاحب (اليواقيت) في ذلك، نقلا عن الشيخ رضي الله عنه، وعن غيره من العلماء والفضلاء من أهل السنة والجماعة.
وقال رحمة الله عليه في المبحث الحادي والثلاثين في بيان عصمة الأنبياء، من كل حرك ء وسكون، وقول وفعل ينقص مقامهم الأكمل، وذلك لدوام عكوفهم في حضرة الله تعالى الخاصة، فتارة يشهدونه سبحانه، وتارة يشهدون أنه يراهم ولا يرونه ولا يخرجون أبدا عن شهود هذين الأمرين، ومن كان مقامه كذلك لا يتصور في حقه مخالفة قط صورية كما سيأتي بيانه، وتسمى هذه حضرة الاحسان، ومنها عصم الأنبياء وحفظ الأولياء، فالأولياء يخرجون ويدخلون، والأنبياء مقيمون.
ثم قال في المبحث الخامس والأربعين: - قد ذكر الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه: أن للقطب خمسة عشر علامة أن يمد بمد العصمة والرحمة والخلافة والنيابة، ومدد حملة العرش، ويكشف له عن حقيقة الذات وإحاطة الصفات،