الإمام الثاني عشر عليه السلام - السيد محمد سعيد الموسوي - ج ١ - الصفحة ٢٥
ما هو مدلوله، قدح ذلك في نصبها علامة ودلالة من رسول الله (ص).
فإن قال المعترض: لا يتم العمل بالعلامة والدلالة إلا بعد العلم باختصاص من وجدت فيه بها دون غيره، وتعينه لها، فأما إذا لم يعلم تخصيصه وانفراده بها فلا يحكم له بالدلالة. ونحن نسلم أنه من زمن رسول الله (ص) إلى ولادة الخلف الصالح الحجة محمد (ع) ما وجد من ولد فاطمة شخص جمع تلك الصفات التي هي العلامة والدلالة غيره، لكن وقت بعثة المهدي وظهوره وولايته هو في آخر أوقات الدنيا عند ظهور الدجال، ونزول عيسى بن مريم، وذلك سيأتي بعد مدة مديدة، ومن الآن إلى ذلك الوقت المتراخي الممتد أزمان متجددة، وفي العترة الطاهرة من سلالة فاطمة كثيرة يتعاقبون ويتوالدون إلى تلك الأيام، فمجوز أن يولد من السلالة الطاهرة، والعترة النبوية، من يجمع تلك الصفات فيكون هو المهدي المشار إليه في الأحاديث المذكورة، ومع هذا الاحتمال والإمكان كيف يبقى دليلكم مختصا بالحجة محمد المذكور؟.
فالجواب: أنكم إذا عرفتم أنه إلى وقت ولادة الخلف الصالح، وإلى زماننا هذا لم يوجد من يجمع تلك الصفات والعلامات بأسرها سواه، فيكفي ذلك في ثبوت تلك الأحكام له عملا بالدلالة الموجودة في حقه، وما ذكرتموه من احتمال أن يتجدد مستقبلا في العترة الطاهرة، من يكون بتلك الصفات، لا يكون قادحا في إعمال الدلالة، ولا مانعا من ترتيب حكمها عليها،، فإن دلالة الدليل راجعة لظهورها، واحتمال تجدد ما يعارضها مرجوح، ولا يحوز ترك الراجح بالمرجوح، فإنه لو جوزنا ذلك لامتنع العمل بأكثر الأدلة المثبتة للأحكام، إذ ما من دليل إلا واحتمال تجدد ما يعارضه متطرق إليه، ولم يمنع ذلك من العمل به وفاقا، والذي يوضح ذلك ويؤكده: أن رسول الله - فيما أورده الإمام مسلم بن الحجاج في (صحيحة) يرفعه
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»