الإمام الثاني عشر عليه السلام - السيد محمد سعيد الموسوي - ج ١ - الصفحة ٢٧
فقد عدل عن النهج القويم، ووقف نفسه موقف المليم، ويدل على ذلك: أن الله عز وجل وعلا لما أنزل في التوراة على موسى: أنه يبعث النبي العربي في آخر الزمان خاتم الأنبياء، ونعته بأوصافه وجعلها علامة ودلالة على إثبات حكم النبوة له، وصار قوم موسى يذكرونه بصفاته ويعلمون أنه يبعث، فلما قرب زمان ظهوره وبعثه صاروا يهددون المشركين به، ويقولون: سيظهر الآن نبي نعته كذا وصفته وكذا، ونستعين به على قتالكم، فلما بعث ووجدوا العلامات والصفات بأسرها التي جعلت دلالة على نبوته أنكروه، وقالوا ليس هو هذا، بل هو غيره وسيأتي، فلما جنحوا إلى الاحتمال، وأعرضوا عن العمل بالدلالة الموجودة في الحال، أنكر الله تعالى عليهم كونهم تركوا العمل بالدلالة الموجودة في الحال، أنكر الله تعالى عليهم كونهم تركوا العمل بالدلالة التي ذكرها لهم في التوراة، وجنحوا إلى الاحتمال وهذه القصة من أكبر الأدلة وأقوى الحجج على أنه يتعين العمل بالدلالة عند وجودها، وإثبات الحكم لمن وجدت تلك الدلالة فيه، فإذا كانت الصفات التي هي علامة ودلالة لثبوت الأحكام المذكورة موجودة في الحجة الخلف الصالح محمد، تعين إثبات كون المهدي المشار إليه من غير جنوح إلى الاحتمال بتجدد غيره في الاستقبال.
فإن قال المعترض: نسلم لكم أن الصفات المجعولة علامة ودلالة إذا وجدت تعين العمل بها، ولزم إثبات مدلولها لمن وجدت فيه، لكن نمنع وجود تلك العلامة والدلالة في الخلف الصالح محمد، فإن من جملة الصفات المجعولة علامة ودلالة أن يكون اسم أبيه مواطيا لاسم أب النبي (ص)، هكذا صرح به الحديث النبوي على ما أوردوه وهذه الصفة لم توجد فيه، فإن اسم أبيه الحسن واسم أب النبي (ص) عبد الله وأين الحسن من عبد الله؟ فلم توجد هذه الصفة التي هي جزء من العلامة والدلالة وإذا لم يوجد جزء العلة لا يثبت حكمها، فإن الصفات الباقية لا تكفي في إثبات تلك الأحكام، إذ النبي (ص) لم يجعل تلك الأحكام ثابتة إلا لمن اجتمعت تلك
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»