الإمام الثاني عشر عليه السلام - السيد محمد سعيد الموسوي - ج ١ - الصفحة ٢٩
البخاري ومسلم كل منهما يرفعه إلى سهل بن سعد الساعدي، أنه قال عن علي (ع):
(أن رسول الله (ص) سماه بأبي تراب، لم يكن له اسم أحب إليه منه) فأطلق لفظة الاسم على الكنية، ومثل ذلك قال الشاعر:
أجل قدرك أن تسمى مؤنته * ومن كناك فقد سماك للعرب ويروى: ومن يصفك: فأطلق التسمية على الكناية أو الصفة، وهذا شايع ذايع في لسان العرب فإذا وضح ما ذكرناه من الأمرين، فاعلم أيدك الله بتوفيقه: أن النبي (ص) كان له سبطان: أبو محمد الحسن، وأبو عبد الله الحسين، ولما كان الحجة الخلف الصالح.
محمد، من ولد أبي عبد الله الحسين، ولم يكن من ولد أبي محمد الحسن، وكانت كنية الحسين أبا عبد الله فأطلق النبي (ص) على الكنية لفظ الاسم لأجل المقابلة بالاسم في حق أبيه، وأطلق على الجد لفظة الأب، فكأنه قال: يواطي اسمه اسمي فهو محمد وأنا محمد، وكنية جدة اسم أبي إذ هو عبد الله، وأبي عبد الله، لتكون تلك الألفاظ المختصرة جامعة لتعريف صفاته وإعلام أنه من ولد أبي عبد الله الحسين بطريق جامع موجز، وحينئذ تنتظم الصفات، وتوجد بأسرها مجتمعة للحجة الخلف الصالح محمد وهذا بيان كاف شاف في إزالة ذلك الإشكال فافهم) انتهى كلام محمد بن طلحة الشافعي (1).
-

(١) موجز ترجمته هو أبو سالم كمال الدين محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن القرشي النصيبي الذي صرح تقي الدين أبو بكر أحمد بن شهبة المعروف بابن جماعة الدمشقي الأسدي في طبقات الشافعية) مخطوط بأنه كان أحد الصدور والرؤساء المعظمين، ولد سنة ٥٨٢، وتوفي في سابع رجب سنة ٦٥٢.
ويقول اليافعي في (مرآة الجنان: (الكمال محمد بن طلحة النصيبي المفتي الشافعي، وكان رئيسا محتشما بارعا في الفقه والخلاف، ولي الوزارة مرة، ثم زهد وجمع نفسه، توفي بحلب في شهر رجب، وقد جاوز السبعين، وله (دائرة الحروف) قلت: وابن طلحة المذكور لعله الذي روى عن السيد الجليل المقدار الشيخ المشكور عبد الغفار صاحب الرواية في مدينة قوص، قال: أخبرني الرضي الأصمع قال: طلعت جبل لبنان، فوجدت فقيرا، فقال لي: رأيت البارحة في المنام قائلا يقول:
لله درك يا ابن طلحة ماجد * ترك الوزارة عامدا فتساطنا لا تعجبوا من زاهد في زهده * في درهم لما أصاب المعدنا قال: فلما أصبحت ذهبت إلى الشيخ ابن طلحة فوجدت السلطان الملك الأشرف على بابه وهو يطلب الإذن عليه فقعدت حتى خرج السلطان، فدخلت عليه فعرفته بما قال الفقير، قال: إن صدقت رؤياه فأنا أموت إلى أحد عشر يوما وكان كذلك.
وابن جماعة يقول في (طبقات الفقهاء الشافعية): محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن الشيخ كمال الدين أبو سالم العريني العدوي النصيبي مصنف كتاب (العقد الفريد) أحد الصدور والرؤساء المعظمين، ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، وتفقه وشارك في العلوم، وكان فقيها بارعا عارفا بالمذهب والأصول والخلاف، توسل عن الملوك، وساد وتقدم وسمع الحديث، وحدث ببلاد كثيرة، وفي سنة ثمان وأربعين كتب تقليده بالوزارة فاعتذر وتنصل فلم يقبل منه، فتولاه يومين ثم انسل خفية، وترك الأموال والموجود، ولبس ثوبا قطنيا وذهب، فلم يدر أين ذهب، وقد نسب إلى الاشتغال بعلم الحروف والأوفاق وأنه يستخرج من ذلك أشياء من المغيبات، وقيل: إنه رجع عنه، فالله أعلم، توفي بحلب في رجب سنة اثنتين وخمسين وستمائة) وراجع أيضا (الدرر الكامنة لابن حجر) و (نفحات الأنس لعبد الرحمن الجامي) و (أبجد العلوم لصديق حسن) وتجد نصوص كلماتهم في حقه في (عبقات الأنوار) في مجلد حديث التشبيه.
هذا، وقد قال الشيخ ابن طلحة بعد كلامه المنقول عنه ما نصه: (وأما ولده فلم يكن له ولد ليذكر لا أنثى ولا ذكر).
قلت: إن عمومات النكاح، والأدلة الواردة في فضيلة الزواج والحث عليه، تقتضي كونه متزوجا، وهذا هو الذي يذكره الخواص من عباد الله الصالحين ثم قال: (وأما عمره، فإنه ولد في أيام المعتمد على الله، خاف فاختفى وإلى الآن، وقدرة الله واسعه، وحكمه وألطافه بعباده عظيمة عامة، وليس ببدع ولا بمستغرب تعمير بعض عباد الله المخلصين، ولا امتداد عمره إلى حين فقده، مد الله تعالى أعمار جمع كثير من خلقه من أصفيائه وأوليائه، ومن مطروديه وأعدائه، فمن الأصفياء عيسى عليه السلام، ومنهم: الخضر، وخلق آخرون من الأنبياء طالت أعمارهم... وأما من الأعداء المطرودين فإبليس والدجال... وكل هذه لبيان اتساع القدرة الربانية في تعمير بعض خلقه، فأي مانع يمنع من امتداد عمر الصالح الخلف الناصح إلى أن يظهر فيعمل ما حكم الله له به).
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»