هذه الروايات عن أبي داود والترمذي.
ومنها: ما نقله الإمام أبو إسحاق بن محمد الثعلبي في (تفسيره) يرفعه بإسناده إلى أنس بن مالك قال: قال رسول الله (ص): (نحن بنو عبد المطلب سادة الجنة:
أنا وحمزة وجعفر وعلي والحسن والحسين والمهدي).
فإن قال معترض: هذه الأحاديث النبوية الكثيرة بتعدادها، المصرحة بجملتها وأفرادها، متفق على صحة إسنادها، ومجمع على نقلها عن رسول الله (ص) وإيرادها وهي صحيحة صريحة في إثبات كون المهدي من ولد فاطمة وأنه من رسول الله، وأنه من عترته، وأنه من أهل بيته، وأن اسمه يواطي اسمه، فإنه يملأ الأرض قسطا وعدلا، وأنه من ولد عبد المطلب، وأنه من سادات الجنة، وذلك مما لا نزاع فيه، غير أن ذلك لا يدل على أن المهدي الموصوف بما ذكره من الصفات والعلامات، هو:
هذا أبو القاسم محمد بن الحسن الحجة الخلف الصالح، فإن ولد فاطمة كثيرون، وكل من يولد من ذريتها إلى يوم القيامة يصدق عليه أنه من ولد فاطمة، وأنه من العترة الطاهرة، وأنه من أهل البيت، فتحتاجون مع هذه الأحاديث المذكورة إلى زيادة دليل على أن المهدي المراد هو الحجة المذكور ليتم مرامكم.
فجوابه: إن رسول الله (ص) لما وصف المهدي بصفات متعددة، من ذكر اسمه ونسبه ومرجعه إلى فاطمة وإلى عبد المطلب، وأنه أجلى الجبهة، أقنى الأنف، وعدد الأوصاف الكثيرة التي جمعتها الأحاديث الصحيحة المذكورة آنفا، وجعلها علامة ودلالة على أن الشخص الذي يسمى بالمهدي، وتثبت له الأحكام المذكورة، هو الشخص الذي اجتمعت تلك الصفات فيه، ثم وجدنا تلك الصفات المجعولة علامة ودلالة مجتمعة في أبي القاسم محمد الخلف الصالح دون غيره، فيلزم القول بثبوت تلك الأحكام له، وأنه صاحبها، وإلا فلو جاز وجود ما هو علامة ودليل، ولا يثبت