مقدمة المؤلف بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أنعم علينا بآلائه وأياديه، والصلاة والسلام على من أرسله هدى ورحمة للعالمين وآله الذين اصطفاهم أئمة وهداة للناس.
وبعد فلما كانت مسألة الغيبة، ووجود بطلها القائم بالسيف، والعدل المنتظر الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا الحجة الإمام المهدي بن الحسن العسكري (عليهما السلام) الغائب عن الأبصار، من المسائل التي ينبغي أن تكون في الجلاء كالشمس في رابعة النهار، والتي تأبى من الارتياب، ولا يتسع المجال فيها للشك، ولكن حب الخلاف قد يدعو الكثيرين إلى الخروج عن كل ما تقوله الإمامية، وينظرون إليه بأنظار عليها غشاء العصبية، وينكرونها كإنكارهم الشمس في رأد الضحى ويتجاهلونها كتجاهل العارف حنقا وغيظا.
ومنهم: أبو الفوز محمد أمين البغدادي الشهير بالسويدي، صاحب كتاب (سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب) إذ مع اعترافه فيه بأن الأخبار لكثيرة تدل على أن قبل القيامة يأتي المهدي الذي هو القائم في آخر الوقت، وأنه يملأ الأرض عدلا وقسطا، وبأن عليه إجماع علماء الإسلام، ينكر وجوده الآن، وغيبته الصغرى والكبرى، ويخالف ما أجمع عليه المؤمنون وكبار محدثيهم، وأوثق ثقاتهم، بدون اختصاص فرقة من الفرق (كما سيأتي توضيحه بما ننقله عنهم) بأنه (أعني محمد بن الحسن العسكري عليهما السلام) هو: المهدي (ع) القائم بالسيف قبل قيام القيامة وأنه موجود الآن.