مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ٨٥
من نصره، واخذل من خذله، وقال: من كنت أنا نبيه، فعلي أميره وقال: أنا وعلي من شجرة واحدة، وسائر الناس من شجر شتى. وأحله محل هارون من موسى فقال: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي وزوجه ابنته سيدة نساء العالمين، وأحل له من مسجده ما حل له، وسد الأبواب إلا بابه.
ثم أودعه علمه وحكمته، فقال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد الحكمة فليأتها من بابها.
ثم قال له: أنت أخي ووصيي ووارثي، لحمك من لحمي، ودمك من دمي وسلمك سلمي، وحربك حربي، والإيمان مخالط لحمك ودمك، كما خالط لحمي ودمي وأنت غدا على الحوض (1) خليفتي وأنت تقضي ديني، وتنجز عداتي، وشيعتك على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي في الجنة وهم جيراني.
ولولا أنت يا علي لم يعرف المؤمنون بعدي، وكان بعده هدى من الضلال، ونورا من العمى، وحبل الله المتين وصراطه المستقيم.
لا يسبق بقرابة في رحم ولا بسابقة في دين ولا يلحق في منقبة من مناقبه، يحذو حذو الرسول - صلى الله عليهما وآلهما -، ويقاتل على التأويل، ولا تأخذه في الله لومة لائم.
قد وتر فيه صناديد العرب، وقتل أبطالهم، وناوش ذؤبانهم، فأودع قلوبهم أحقادا بدرية وخيبرية وحنينية وغيرهن، فأضبت على عداوته واكبت على مبارزته حتى قتل الناكثين والقاسطين، والمارقين، ولما قضى نحبه وقتله أشقى الأشقياء من الأولين والآخرين، يتبع أشقى الأولين، لم يمتثل أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الهادين بعد الهادين، والأمة مصرة على مقته مجتمعة على قطيعة رحمه وإقصاء ولده إلا القليل ممن وفى لرعاية الحق فيهم فقتل من قتل، وسبي من سبي، وأقصي من أقصي وجرى القضاء لهم بما يرجى له حسن المثوبة إذ كانت الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.
* (وسبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا) * ولن يخلف الله وعده وهو العزيز الحكيم.
فعلى الأطايب من أهل بيت محمد وعلي صلى الله عليهما وآلهما فليبك الباكون وإياهم فليندب النادبون، ولمثلهم فلتذرف الدموع وليصرخ الصارخون، ويضج الضاجون ويعج

1 - في نسخة: وأنت غدا على الحوض معي وأنت خليفتي.
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»