مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ٦
الثاني: إنه لما جرت العادة بأن يتردد الشخص في مساءة من يحترمه، ويوقره كالصديق الوفي، والخل الصفي وأن لا يتردد في مساءة من ليس له عنده قدر ولا حرمة، كالعدو والحية والعقرب بل إذا خطر بالبال مساءته أوقعها من غير تردد ولا تأمل: صح أن يعبر بالتردد، والتأمل في مساءة الشخص عن توقيره واحترامه، وبعدمهما عن إذلاله واحتقاره.
قوله سبحانه: ما ترددت في شئ أنا فاعله كترددي في وفاة المؤمن المراد - به والله أعلم - ليس لشئ من مخلوقاتي عندي قدر وحرمة كقدر عبدي المؤمن وحرمته فالكلام من قبيل الاستعارة التمثيلية.
الثالث: إنه قد ورد في الحديث من طرق الخاصة والعامة: إن الله سبحانه يظهر للعبد المؤمن عند الاحتضار من اللطف والكرامة، والبشارة بالجنة ما يزيل عنه كراهة الموت ويوجب رغبته في الانتقال إلى دار القرار، فيقل تأذيه به، ويصير راضيا بنزوله، راغبا في حصوله، فاشتبهت هذه المعاملة، معاملة من يريد أن يؤلم حبيبه لما يتعقبه نفع عظيم، فهو يتردد في أنه كيف يوصل ذلك الألم إليه على وجه يقل تأذيه به، فلا يزال يظهر له ما يرغبه فيما يتعقبه من الله من اللذة الجسمية، والراحة العظيمة، إلى أن يتلقاه بالقبول، ويعده من الغنائم المؤدية إلى إدراك المأمول. انتهى كلامه رفع مقامه.
- ويدل على المقصود أيضا ما روي في كتاب جمال الصالحين عن مولانا الصادق (عليه السلام) أنه قال: إن من حقوقنا على شيعتنا أن يضعوا بعد كل فريضة أيديهم على أذقانهم ويقولوا ثلاث مرات: " يا رب محمد عجل فرج آل محمد يا رب محمد احفظ غيبة محمد، يا رب محمد، انتقم لابنة محمد (عليها السلام) ". انتهى.
واعلم أنه قد ذكر فضل الدعاء المذكور بالفارسية وقد نقلته إلى العربية.
تتميم: نفعه عميم إذا عرفت ما يدل على المقصود من الأخبار المروية عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) فاعلم أن السر في ذلك أن حقيقة العبادة وأصلها وشرط قبولها هو معرفة الإمام، والتولي له فينبغي للمؤمن أن يظهر حقيقة إيمانه وصدق ولايته لمولاه، بعد كل صلاة بالدعاء له ومسألة فرجه من الله عز وجل، حتى تقترن صلاته بما يكون سببا لقبولها ويدل على ذلك ما رويناه في
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»