مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ١٣
اللهم وإنك قد أوسعت خلقك رحمة وحلما، وقد بدلت أحكامك، وغيرت سنن نبيك (صلى الله عليه وآله) وتمرد الظالمون على خلصائك واستباحوا حريمك وركبوا مراكب الاستمرار على الجرأة عليك.
اللهم فبادرهم بقواصف سخطك، وعواصف تنكيلاتك واجتثاث غضبك، وطهر البلاد منهم، واعف عنها آثارهم واحطط من قاعاتها ومظانها منارهم واصطلمهم ببوارك حتى لا تبقي منهم دعامة لناجم ولا علما لآم، ولا مناصا لقاصد ولا رائدا لمرتاد.
اللهم امح آثارهم، واطمس على أموالهم وديارهم وامحق أعقابهم وافكك أصلابهم وعجل إلى عذابك السرمد انقلابهم وأقم للحق مناصبه واقدح للرشاد زناده وأثر للثأر مثيره. وأيد بالعون مرتاده، ووفر من النصر زاده حتى يعود الحق بجدته وينير معالم مقاصده، ويسلكه أهله حق سلوكه إنك على كل شئ قدير.
أقول: غير خفي على المتتبع البصير العارف المستأنس بكلمات الأئمة الأطهار أن هذا دعاء لظهور مولانا الغائب عن الأبصار وطلب فرجه من خالق الليل والنهار وفيه قرائن عديدة قطعية يعرفها أهل الاعتبار.
فإن قلت: إن المراد بمن يثير الثار لعله المختار.
قلت: لا ريب في أن المراد به هو صاحب الدار، ويدل على ذلك عدة من الأدعية والأخبار وسيأتي ذكره في القنوت المروي عنه عجل الله تعالى فرجه.
- الثاني: القنوت المروي في الحديث (1) المذكور عن مولانا أبي جعفر الباقر (عليه السلام) وهو هذا: يا من يعلم هواجس السرائر ومكامن الضمائر وحقائق الخواطر، يا من هو لكل غيب حاضر، ولكل منسئ ذاكر، وعلى كل شئ قادر وإلى الكل ناظر، بعد المهل وقرب الأجل وضعف العمل وأراب الأمل، وآن المنتقل وأنت يا الله الآخر كما أنت الأول، مبدئ ما أنشأت، ومصيرهم إلى البلى ومقلدهم أعمالهم ومحملها ظهورهم إلى وقت نشورهم من بعثة قبورهم، عند نفخة الصور، وانشقاق السماء بالنور، والخروج بالمنشر إلى ساحة المحشر، لا ترتد إليهم أبصارهم وأفئدتهم هواء، متراطمين في غمة ما أسلفوا، ومطالبين بما احتقبوا ومحاسبين هناك على ما ارتكبوا.

1 - المهج: 51.
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»