مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ٩٤
ونفسه، فيكون هذا الكلام كناية عن أن المهدي (عليه السلام) يسير بسيرة أمير المؤمنين (عليه السلام) في أفعاله، فهو أنفه: أي مقتداه في أفعاله، وعينه: أي كأنه هو في زهده وعبادته وسيرته وشجاعته، وسائر خصوصياته، وهذا استعمال شائع متعارف في المحاورات العرفية أيضا، حيث يقال لشئ يكون مشابها وموافقا لشئ آخر في تمام الخصوصيات: هذا عينه، وأما كون الأنف بمعنى السيد والمقتدى به فيشهد له قول الشاعر: قوم هم الأنف والأذناب غيرهم، والله تعالى هو العالم.
- وفيه (1) عن المعلى بن خنيس قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) يوما: جعلت فداك ذكرت آل فلان وما هم فيه من النعيم، فقلت لو كان هذا إليكم لعشنا معكم، فقال: هيهات هيهات يا معلى! أما والله أن لو كان ذاك ما كان إلا سياسة الليل، وسياحة النهار، ولبس الخشن وأكل الجشب، فزوى ذلك عنا، فهل رأيت ظلامة قط صيرها الله نعمة إلا هذه؟
- وفي البحار (2) عن الشيخ الطوسي بإسناده، عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: ما تستعجلون بخروج القائم فوالله ما لباسه إلا الغليظ، ولا طعامه إلا الشعير الجشب، وما هو إلا بالسيف، والموت تحت ظل السيف.
- ومنه (3) عن الرضا (عليه السلام) قال أنتم أرخى بالا منكم يومئذ قال الراوي: وكيف قال: لو قد خرج قائمنا لم يكن إلا العلق والعرق، والقوم على السروج، وما لباس القائم إلا الغليظ، وما طعامه إلا الجشب.
زيارته (عليه السلام) لأبي عبد الله الحسين (عليه السلام) وسائر المعصومين الكرام قطيعة عند ذوي الأفهام - ويشهد لهذا المقام ما في البحار (4) في ضمن واقعة الجزيرة الخضراء قال السيد شمس الدين بعد أن سأله الراوي: هل يحج الإمام (عليه السلام)؟ قال: الدنيا خطوة مؤمن، فكيف بمن لم تقم الدنيا إلا بوجوده ووجود آبائه! نعم يحج في كل عام، ويزور آباءه في المدينة

١ - الكافي: ١ / ٤١٠ باب سيرة الإمام ح ٢.
٢ - بحار الأنوار: ٥٢ / ٣٥٤ باب ٢٧ ذيل ١١٥.
٣ - بحار الأنوار: ٥٢ / ٣٥٨ باب ٢٧ ذيل ١٢٦.
٤ - بحار الأنوار: ٥٢ / 173 باب 24.
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»