المكرمة الرابعة عشرة استجابة الدعاء يعني أن الداعي إذا جعل دعاءه لنفسه مقرونا بالدعاء لمولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه، يصير دعاؤه لمولاه سببا وواسطة في استجابة ما يدعو به لنفسه.
ويدل على ذلك وجوه عقلية ونقلية:
الأول: أنه لا شك ولا شبهة في تحقق إجابة دعاء العبد لمولانا صاحب الزمان لوجود المقتضى، وعدم المانع، وكلاهما واضحان والتأخير في الإجابة لا يدل على نفي الإجابة كما لا يخفى فإذا جعل الشخص أول دعائه وآخره لصاحب الأمر بتعجيل فرجه، وتسهيل مخرجه، كان مقتضى كرم أكرم الأكرمين أن يستجيب ما بينهما أيضا، وقد قرر سبحانه ذلك بين عباده، فإن من اشترى أمتعة مختلفة بصفقة واحدة، وكان بعضها معيبا يجب عليه إما أن يقبل الجميع أو يرد الجميع، ولا يجوز أن يرد المعيب فقط.
الوجه الثاني: أن جملة من الذنوب والسيئات مانعة عن إجابة الدعوات فإذا قرن الإنسان دعاءه بالدعاء لمولانا صاحب الزمان غفرت له تلك الذنوب الموانع فيصير دعاؤه بلا مانع فيستجيب له المنان الواسع وسيأتي في المكرمة الثامنة عشرة اقتضاء الدعاء له (عليه السلام) غفران الذنوب إن شاء الله تعالى.
الوجه الثالث: قد ذكرنا سابقا أن من فوائد الدعاء له (عليه السلام) دعاءه في حق الداعي، ولا ريب أن دعاءه بكفاية مهم الداعي يقتضي استجابة ما يسأله من الله جل شأنه كما لا يخفى.
- الوجه الرابع: ما روي في أصول الكافي (1) في فضل الصلاة على محمد وآله مرسلا عن الصادق (عليه السلام) قال: من كانت له إلى الله حاجة فليبدأ بالصلاة على محمد وآله، ثم يسأل حاجته، ثم يختم بالصلاة على محمد وآل محمد، فإن الله عز وجل أكرم من أن يقبل الطرفين، ويدع الوسط، إذ كانت الصلوات على محمد وآل محمد لا تحجب عنه.
أقول: وجه دلالته على المطلوب، أن عموم التعليل يقتضي استجابة كل دعاء يقع بين دعاءين مستجابين، لأنه تعالى أكرم من أن يستجيب الطرفين ويرد ما وقع في البين. وقد ذكرنا في الوجه الأول أن دعاء المؤمن في فرج مولاه (عليه السلام) وطلب نصرته، مستجاب لا محالة.