الخامس: في أن الدعاء من أقسام الشكر والإشارة إلى سائر أقسامه.
أما الأول: فيدل عليه العقل والنقل، أما العقل فلا ريب في أن أعظم النعم الإلهية ما يكون سببا للفوز بمعرفة المعارف الربانية والعلوم النافعة ولنيل الدرجات الرفيعة والنعم الأبدية الأخروية وغيرها مما لا يخفى على ذي مسكة وهذا هو الإمام الذي به يعرف الله ويعبد وبه يصل العبد إلى ما يهواه من المقامات العلية والمواهب السنية كما ورد في روايات كثيرة أوردنا بعضها في الباب الأول من هذا الكتاب وفيه كفاية لأولي الألباب.
وأما النقل فروايات كثيرة جدا.
- منها ما في أصول الكافي (1) بإسناده عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قول الله عز وجل * (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا) * قال نحن النعمة التي أنعم الله بها على عباده وبنا يفوز من فاز يوم القيامة.
- وروى في غاية المرام (2) عن تفسيري العياشي والقمي، ومثله ما في غاية المرام (3) أيضا بإسناده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله تعالى: * (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) * قال: نحن النعيم، وفي حديث آخر عن الصادق (عليه السلام) مثله.
- وعن أبي الحسن موسى (عليه السلام)، قال: نحن نعيم المؤمن، وعلقم الكافر.
أقول: العلقم: الحنظل، وكون وجود الإمام كذلك بزعم الكافر لانزجاره عنه بسبب كفره أو المراد بيان حالهما يوم القيامة، فإن المؤمن يتنعم بأنواع النعم الأبدية لأجل إيمانه بالأئمة (عليهم السلام)، والكافر يعذب بأنواع العقوبات الدائمة بسبب كفره بهم صلوات الله عليهم.
- وفي مجمع البيان (4) عن العياشي بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: نحن أهل البيت النعيم الذي أنعم الله بنا على العباد وبنا ائتلفوا بعد أن كانوا مختلفين وبنا ألف الله بين قلوبهم وجعلهم إخوانا بعد أن كانوا أعداء وبنا هداهم الله للإسلام وهي النعمة التي لا تنقطع والله سائلهم عن حق النعيم الذي أنعم الله به عليهم وهو النبي (صلى الله عليه وآله) وعترته.