انتهيت إلى المدينة، فوجدت عبدك فلانا يدعوك ويتضرع إليك فقال امض لما أمرتك به فإن ذا رجل لم يتمعر وجهه غيظا لي قط، إلى غير ذلك من الأخبار.
والغرض أن المؤمن إذا رأى منكرا لا يستطيع أن يدفعه وينهى عنه أنكره بقلبه وسأل الله تعالى أن يبعث من يقدر على دفع المنكر، ودعا لمن ينهى عن المنكر ويدفعه وهذه حالة جبلية كامنة في جميع المؤمنين والمؤمنات ولما علمنا أن الدافع لكافة المنكرات وحاسم مادتها هو القائم المهدي عجل الله تعالى فرجه، لزمنا أن نسأل الله عز وجل ليعجل فرجه، ويؤيده وينصره دفعا لما نشاهده ونسمعه من أصناف المنكرات، وأنواع المنهيات.
نداؤه (عليه السلام) مستنصرا من الأنام من أعظم ما يبعث على الدعاء له عقلا وشرعا - أما نداؤه فهو قوله (عليه السلام) في التوقيع الشريف المروي في الاحتجاج وغيره (1) مخاطبا لعامة شيعته والمنتظرين لفرجه: وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإن ذلك فرجكم، وسيأتي بيان ذلك في الباب الخامس إن شاء الله تعالى.
وأما كونه ندائه صلوات الله وسلامه عليه باعثا موجبا للدعاء بحكم العقل فلا يحتاج إلى بيان لأن كل عاقل منصف إذا التفت إلى حال شخص له عليه حقوق كثيرة واجبة، وله إلى ذلك الشخص حوائج جمة، وبعد فهو من أشراف الناس وعظمائهم.
ثم غصب حقه، وبغي عليه فناداه بنداء وخاطبه بخطاب يدعوه إلى إعانته ونصرته، أفلا يدعوه عقله إلى إجابة هذا النداء، والمسارعة إلى متابعة صاحب هذا الدعاء؟ قل: بلى وربي خالق الأرض والسماء خصوصا إذا كان من أهل المحبة والولاء، وأنت إذا رجعت إلى ما ذكرناه في الباب الثالث من هذا الكتاب نفعك في هذا الباب وأما دلالة الشرع القويم إلى ذلك الصراط المستقيم، فمتكررة في الروايات وواضحة لأهل الدرايات.
- فمنها: ما في أصول الكافي (2) عن الصادق (عليه السلام): إن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم، ومن سمع رجلا ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم.