ووقف بالجانب الشرقي منه مستقبلا وقال: نزور الحسين (عليه السلام) من هنا فزاره بزيارة الوارث وزرت، ولما فرغنا فإذا بالمؤذنين لفريضة المغرب قد فرغوا فقال لي: إلحق الجماعة وصل وأشار إلى المسجد الذي خلف الحرم ومنه إليه باب مشروع والشيخ المذكور يصلي بالناس هناك فدخل المسجد ووقف عن يمينه محاذيا له وصلى بنفسه وأنا وقفت في الصف وفرج لي مكاني وصليت جماعة ولما انفلت نظرت إليه فلم أره فقمت أطلبه بالحرم لأعطيه شيئا لأنه زورني وأضيفه بالليل فدرت الحرم والرواق والإيوان ولم أره وأنا أتفكر في نفسي: من هذا؟ وما هذه الأمور التي شاهدتها منه والكلمات التي سمعتها، فعلمت أنه الإمام (عليه السلام) فأتيت إلى الكفشوان وسألته عنه قال: خرج ومضى، ثم قال: هو رفيقك؟ قلت: نعم فتبسم فأتيت إلى منزلي ونمت، فلما قمت أتيت الشيخ بكرة وحكيت له ذلك فقال: الله موفقك لا تحكه ببغداد، ثم إني بعد ذلك بشهر كنت بالحرم الشريف يوما بالمحل الذي يوضع المصاحف أتلو القرآن إذا به (عليه السلام) عن لي وقال لي: ماذا رأيت أنت؟ قلت: لم أر شيئا، ثم قال لي ثانيا: ماذا رأيت؟ قلت له: لم أر شيئا فغاب عني قال أقول: وهذا الرجل كان يبدو منه عند حكايته لي الأسف والتحسر كمن فات عنه شئ لا مندوحة عنه، ثم قبلت فاه فقام وفارقنا ولعمرك لو طلب حريص وضرب آباط الإبل فيه حولا لكان قليلا. هذا ما رويته وبحق روايتي عنه بيد أن ما رقمته معنى ما سمعته منه بلفظه ولغته المتداولة اليوم (1).
الحكاية الحادية والأربعون: في جنة المأوى عن المولى أبي الحسن الشريف العاملي الغروي تلميذ العلامة المجلسي في شرح مشيخة الفقيه في ترجمة المتوكل بن عمير راوي الصحيفة قال (رحمه الله): إني كنت في أوائل البلوغ طالبا لمرضاة الله ساعيا في طلب رضاه ولم يكن لي قرار بذكره إلى أن رأيت بين النوم واليقظة أن صاحب الزمان صلوات الله عليه كان واقفا في الجامع القديم بأصبهان قريبا من باب الطبني الذي [هو] الآن مدرستي فسلمت عليه وأردت أن أقبل رجله فلم يدعني وأخذني فقبلت يده وسألت عنه مسائل قد أشكلت علي: