إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - الشيخ علي اليزدي الحائري - ج ١ - الصفحة ٣٦٥
تحته شهباء وهو متعمم بعمامة خز خضراء، لا أرى منه سوى سواد عينيه، وفي رجليه خفان أحمران فقال لي: يا حسين. وما أمرني وما كناني فقلت: ماذا تريد؟ فقال: لم تزري على الناحية؟ ولم تمنع أصحابي خمس مالك؟
وكنت رجلا وقورا لا أخاف شيئا فأرعدت وتهيبته وقلت له: أفعل يا سيدي ما تأمر به.
فقال: إذا أتيت إلى الموضع الذي أنت متوجه إليه، فدخلته عفوا وكسبت ما كسبته فيه تحمل خمسه إلى مستحقه. فقلت: السمع والطاعة. فقال: امض راشدا ولوى عنان دابته وانصرف، فلم أدر أي طريق سلك فطلبته يمينا وشمالا فخفي علي أمره، فازددت رعبا وانكفأت راجعا إلى عسكري وتناسيت الحديث فلما بلغت قم وعندي أنني أريد محاربة القوم خرج إلي أهلها وقالوا: كنا نحارب من يجيئنا لخلافهم لنا، وأما إذا وافيت أنت فلا خلاف بيننا وبينك، أدخل البلدة فدبرها كما ترى، فأقمت فيها زمانا وكسبت أموالا زائدة على ما كنت أتوقع ثم وشى القواد بي إلى السلطان، وحسدت على طول مقامي وكثرة ما اكتسبت، فعزلت ورجعت إلى بغداد فابتدأت بدار السلطان فسلمت وأقبلت إلى منزلي، وجاءني فيمن جاءني محمد بن العثمان العمري فتخطا رقاب الناس حتى اتكأ على متكئي، فاغتظت من ذلك، ولم يزل قاعدا لا يبرح والناس يدخلون ويخرجون، وأنا أزداد غيظا فلما تصرم المجلس دنا لي وقال بيني وبينك سر فاسمعه. فقلت: قل. فقال: صاحب الشهباء والنهر يقول: قد وفينا بما وعدنا.
فذكرت الحديث وارتعشت من ذلك وقلت: السمع والطاعة، فقمت وأخذت بيده وفتحت الخزائن، فلم يزل يخمسها إلى أن خمس شيئا قد كنت أنسيته مما كنت قد جمعته وانصرف، ولم أشك بعد ذلك وتحققت الأمر، فأنا منذ سمعت هذا من عمي أبي عبد الله زال ما كان اعترضني من شك (1).

١ - كشف الغمة: ٢ / 501 الباب 25.
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 ... » »»