وتحركت عروق الطمع، إذ كنت في أيام لم يحصل لي من صناعتي عشر من أعشار ذلك المبلغ، فأخذني الطمع أن أتعرضه أيضا فرجعت إليه ثانية وهو في بكائه وحضور من قلبه فزاحمته، وأعدت إليه ما قلته فدفع إلي نصف دينار، وأشار لي بالرجوع وعدم التعرض.
فرجعت ونار الطمع تشتعل في جوارحي وأنا أقول: لا يفوتك الرجل فنعم الصيد صيدك، إلى أن رجعت إليه ثالثة وزاحمته وكررت عليه الكلام، وأمرته بإلقاء الكتاب وجررت رداءه وهو في عين تخشعه وبكائه، فدفع إلي في هذه المرة ريالا واشتغل بما هو فيه، وأنا لم أزل فيما أنا عليه إلى أن أقامني الطمع ذلك المقام رابعا، فانصرف الرجل عما هو فيه وتم حضور قلبه وطبق كتاب المزار، وخرج من غير زيارة فندمت من ذلك فأتيته وقلت له: ارجع إلى ما كنت عليه فلا أتعرضك بعد أبدا، فأجابني ودموعه تنحدر أنه لم يبق لي حال الزيارة وقد زال ما بي من الخشوع، فأسفت على ما فعلت ولمت نفسي ورجعت إلى الدار، فلما دخلت الفضاء وإذا بثلاثة واقفين على السطح وهم يحاذونني، والذي بينهم أقصر سنا وبيده قوس وسهم، ينظر إلي نظرة الغضب، وقائل: لم منعت زائرنا وصرفته عن حاله، ثم وضع السهم في كبد قوسه فما شعرت إلا وقد اخترق صدري، فغابوا عن بصري واحترق صدري، فجرح بعد يومين وقد زاد الآن كما ترى، فكشف عن صدره وإذا قد أخذ مجموع صدره، فما مضى أيام إلا ومات (1).
(المعجزة الثانية والثلاثون) وفيه: قال (رحمه الله): أخبرني الورع التقي الحاج جواد الصباغ، وهو من أعاظم التجار وثقاتهم وكان ناظرا على تعمير الروضة المقدسة والسرداب من قبل بانيه جعفر قلي خان الخوئي، أخبرني حين تشرفي إلى زيارة المشهد المقدس والسرداب المشرف وذلك في سنة عشر ومائتين بعد الألف، أيام مسافرتي إلى بيت الله الحرام فمضيت إلى سر من رأى، واتفق لي مصاحبته في تلك البلدة، فحكى لي عن رجل ناصبي يدعى بسيد علي، وكان مأمورا هناك من والي بغداد وحكومة العثماني، وكان حاكما على أهلها - وذلك في سنة خمس ومائتين بعد الألف - ويأخذ من كل زائر ريالا للدخول في الروضة المقدسة ويسوم ساقهم، ويعلمهم علامة لا يشتبه بغيره بعد ذلك.
فبينما ذات نهر فسرت فيه، كلما سرت يتسع النهر، فبينا أنا كذلك إذ طلع علي فارس