في ساعته وأوتي بالجنازة لتوضع في الرواق إلى الصبح.
ولما كانت مفاتيح الروضة المقدسة في تلك الأوقات لتعمير الحرم الشريف عندي وبيدي، فأمرت بسد الأبواب والتجسس في أطراف الحرم والرواق، وبالغنا في التخلية عن جميع من يكون وذلك لحفظ الخزانة والآلات المعلقات وغيرها حتى اطمأننا، فوضعت الجنازة في الرواق وانسدت الأبواب بيدي وأخذت المفاتيح، فلما جئت وقت السحر لفتح الأبواب ففتحتها جاء الخدم وعلق الشموع، وإذا بكلب أسود قد خرج من الرواق إلى الصحن فامتلأت غضبا على الخدمة والمأمورين [الذين] كانوا معي في الرواق بالتجسس فحلفوا، وأنا أعلم أنهم لم يقصروا ولم يكن شئ قط في الحرم وقالوا: إنا تفحصنا غاية التفحص، فلما كان غداة غد اجتمع الناس لدفن السيد علي وإذا بالتابوت وفيه كفن خال مما فيه، فتعجبت واعتبرت كما تعجب الناس وتفرقوا، وهذا مما شاهدته بعيني (1).
(المعجزة الحادية عشرة) في البحار: عن أبي الحسن بن أبي البغل الكاتب قال: تقلدت عملا من أبي منصور بن صالحان، وجرى بيني وبينه ما أوجب استتاري فطلبني وأخافني فمكثت مستترا خائفا، ثم قصدت مقابر قريش ليلة الجمعة واعتمدت المبيت هناك للدعاء والمسألة وكانت ليلة ريح ومطر فسألت أبا جعفر القيم أن يغلق الأبواب، وأن يجتهد في خلوة الموضع لأخلو بما أريده من الدعاء والمسألة، وآمن من دخول إنسان لم آمنه وخفت من لقائي له، ففعل وقفل الأبواب وانتصف الليل وورد من الريح والمطر ما قطع الناس عن الموضع، ومكثت أدعو وأزور وأصلي.
فبينا أنا كذلك إذ سمعت وطئا عند مولانا موسى (عليه السلام) وإذا برجل يزور فسلم على آدم وأولي العزم ثم الأئمة (عليهم السلام) واحدا بعد واحد إلى أن انتهى إلى صاحب الزمان (عج) فلم يذكره، فعجبت من ذلك وقلت: لعله نسي أو لم يعرف أو هذا مذهب لهذا الرجل، فلما فرغ من زيارته صلى ركعتين وأقبل إلى عند مولانا أبي جعفر (عليه السلام) فزار مثل تلك الزيارة وذلك السلام وصلى ركعتين، وأنا خائف منه إذ لم أعرفه، ورأيته شابا تاما من الرجال، عليه ثياب بيض وعمامة محنك وذوابة، ورداء على كتفه مسبل فقال: يا أبا الحسين بن أبي البغل أين أنت عن دعاء الفرج؟ فقلت: وما هو يا سيدي؟