إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - الشيخ علي اليزدي الحائري - ج ١ - الصفحة ١١١
أي الذي مات وحيى. احتج النصارى بذلك على ربوبية المسيح وقالوا: إن قوله: الأول والآخر، يدل على ربوبيته، إذ هما من صفات الواجب تعالى، مع أن في قوله: مات وحيى، إضافة الموت والحياة إلى نفسه ظاهرة.
والحق أنه يجيز النهوض لأنه إن كان المراد بالأول القديم وبالآخر الحادث، فلا يجتمعان لأنهما متباينان، لأن القديم إن كان بالذات فهو ما لا يكون وجدانه من غيره كواجب الوجود تعالى اسمه، وعيسى ابن مريم قد تولد في أيام هيروديس من أمه مريم فليس بقديم الذات، وإن كان بالزمان فالقديم بالزمان ما لا أول لزمانه كالأفلاك العلوية، وعيسى متأخر بالزمان فليس بقديم الزمان. وأما أن أريد به المقدم بالرتبة في أنه (عليه السلام) أقرب لمبدئه من ملك كنيسة سيمرنا وأنا أثق به وعليه جميع أهل التحقيق، لكن أرادوا بالآخر المتأخر بالرتبة فمن المحال أن يجتمع المتقدم بالرتبة والمتأخر فيها في شخص واحد. وإن أرادوا بهما الأول والآخر اللذين هما من صفات الواجب تعالى فينقضهما قوله: الذي مات وحيى، لأن الموت من أمارات الحدث. ومن المعلوم أن الوجوب مباين للحدث. وأما إضافة الموت والحياة لنفسه فمحمول على العرف العام إذ لم يرو أحد من أهل لغة قتل الله أو موت الله فلانا، بل المطرد عندهم مات وحيى، فتمسكه بهذا الدليل ليس إلا كتمسك الضرير الساقط في البئر بحد السيف الطرير.
(قوله) إني قد عرفت عملك، إلى قوله: فاصبر وأنا أعطيك إكليل الحياة، إشارة إلى وفور الشبهات التي عرضت عليهم في سني الفترة، عبر فيها باليوم عن خمسين سنة لتصير المدة بالنظر إلى حدوث الإنسان. (وقوله) إن يوما عند ربك كألف سنة الخ بالنظر إلى قدم الواجب، فالذي يصير فيها ولا ينحرف إلى عبادة الأوثان أعطيه إكليل الحياة، وبديهي أن غاية الصبر لا تكون إلا بلوغ المأمول وهو إكليل الحياة الذي كنى به عن محمد (صلى الله عليه وآله).
(قوله) أذن الخ، حث على الإصغاء لأن الذي يأتي بعده هو غاية الكلام. (قوله): المظفر لا تضره الموتة الثانية، يريد به محمدا (صلى الله عليه وآله)، والموتة الثانية مر ذكرها في مقدمة هذا البحث.
والثالث (قوله): واكتب إلى ملك كنيسة بئر غاموس، وهي بلد في عرض تسعة وثلاثين درجة وعشرين دقيقة من الشمال وطول خمسة وأربعين درجة من الطول الجديد. (قوله) هذا ما يقول ذو السيف الحاد: إني قد عرفت الخ إشارة إلى حسن اعتقادهم وعدم انحرافهم
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»