وعن الرابع: وهو أهمها، لأنه نقض على كل دليل عقلي أقيم على وجوب نصب الإمام على الله تعالى، بأنه يختلف حكم اللطف حدوثا وبقاء، فقد يكون وجود الإمام ابتداء لطف وفي استمراره مفسدة ترفع اللطف الاستمراري، ولتوضيح هذا المطلب نتكلم في بعث النبي (ص) ومنه يعلم حال نصب الإمام، وخلاصته إن الحق سبحانه إذا اقتضت مشيئته وتعلقت إرادته بتشريع شريعة مشتملة على طلب أحكام مراده له من أهل عصر لا تدري بتلك الشريعة والأحكام فيجب على الله تعالى أن يبعث لهم من يعرف ذلك ويبلغهم هاتيك الأحكام المرادة بالتفصيل وإلا فالامتثال ممتنع الحصول والمؤاخذة على عدم امتثال ما شرعه ظلم وتكليف بما لا يطاق، وذلك المبعوث هو الرسول ويسمى نبيا أيضا، فإذا عمد أهل ذلك العصر المرسول إليهم ذلك النبي وقتلوا نبيهم بعد بعثه أو حبسوه أو خاف على نفسه منهم ففر إلى صقع أو مكان يضمه عنهم واختبى به عمن يخافه، فليس على الله تعالى بعد أن يرسل غيره أو يحييه بعد قتله، وله أن يعاقب الأمة المر سول إليهم على جميع أحكامه بعد بلوغهم دعوته، وتقصيرهم في الرجوع إليه سواء بلغ الأحكام أو بعضها أو لا، وسواء أيد بالمعجزة أو لا، والضابط أنه متى ما اتصف من أرسل إليه بالتقصير استحق العقاب، وكذا أعقابهم وأعقاب أعقابهم، وغير المقصر من أي مرتبة كان لا يستحق عقابا، وتسمى الأزمنة المتأخرة بزمان الفترة والجاهلية، وكيفية حشرهم ونشرهم مذكورة في كتب الأخبار ويتلو النبي الإمام المنصوب في ذلك حذو النعل بالنعل، فإذا اقتضت المشيئة الربانية بتشريع شريعة وببقاء تلك الشريعة إلى أمد مخصوص يزيد على مدة بقاء الرسول المبعوث، أو إلى أبد
(٤٩)