المتصرف، وحينئذ يمتنع على القادر الحكيم قبل صدور العصيان من الأمة خلو الزمان من الإمام، وأما بعد نصب الإمام وبعد جحود الأمة له أو عدم إطاعتهم له وإن لم يجحدوه أو عدم تمكينهم إياه يمكن خلو الزمان من ذلك الإمام، ويترتب العذاب حينئذ على العاصي يشاركه المقصر في الاستحقاق، وأما القاصر فحاله من جهة قصور حظه عن إدراك تلك السعادة والفيوضات حال أهل الفترة.
وجملة الأمر أن نصب الإمام للأمة لطف وإبقاءه أخر، واللطف الأول يلزم خلوه عن الموانع ولو بالقهر والغلبة لأن عدمه قبيح وممتنع على الله تعالى حسب ما تقرر ذلك مفصلا.
والثاني وهو إبقاءه على كل حال وإن كان لطفا أيضا غير أنه يعرفه عروض المفسدة من عصيان الأمة وغير ذلك مما يقتضي عدم بقاءه أو تصرفه على ما عرفت، والمعروف من علماء الإمامية أنهم أجابوا عن النقض بزمان الغيبة أن وجود الإمام لطف وتصرفه لطف أخر فأن رجح أحد العبارتين إلى الأخرى وكانا بمعنى واحد فنعم الوفاق، وإن كان مرادهم التفرقة بين وجود الإمام وبين تصرفه لا بين نصبه وإبقائه فلا يصلح ما قالوه أن يكون جوابا للنقض المذكور، وإن كان ما ذكروه من كون وجوده لطفا وتصرفه كذلك مسلم وصحيح لأن وجود الإمام من غير تصرف لطف معنوي نظرا لأن الإمام على مذهب الإمامية بمنزلة قلب العالم وهو قوام بقاؤه ولكن هذا المعنى من اللطف ليس له ربط بمحل النزاع إذ لو طالبهم الخصم بأن مثل هذا الإمام المعطل المهجور أي فائدة في وجوده لا يصلح ما قالوه من كون وجوده لطفا إلى أخره، وإن يكون جوابا لهم إذ قد ورد في الأخبار تشبيه الإمام بالشمس فأن الخلق تنتفع بمجرد وجودها وإن لم يمكن الوصول إليها، والظاهر إنه لم يكن