الآباد، وأراد جل جلاله من عباده العمل بقوانين تلك الشريعة وأحكامها يلزم أن يرسل رسولا لتشريع تلك الأحكام، وينصب إماما للمحافظة على بقاء التدين بتلك الشريعة بعد النبي (ص)، فلو ترك البعث كشف ذلك عن عدم اقتضاء المشيئة لتشريع شريعة لخلقه، ولو ترك نصب الإمام كشف ذلك عن عدم إرادته تأييد تلك الشريعة وعمل العباد بشرايعها، ومتى أرادهما لزم عليه البعث والنصب كما مر ذلك مفصلا، وعليه فلو أسرعت الأمة إلى قتل ذلك الإمام الحافظ أو اقتضت شهواتها فتركته ونصبت هي غيره أو فر خوفا أو استتر عنهم في صقع أو ناحية فلا يجب على الله سبحانه منع الأمة عن ذلك كله وإبقاء الإمام بالأسباب القهرية، بل بعد إكمال الحجة بنصب الإمام ودلالة الأمة عليه بالطرق المفضية إلى معرفته لا يحتاج بعد إلى منع الدافع له عن حقه قهرا، ولا يجب على الله تعالى تنصيب أخر بعد موته بل هو بالخيار إن شاء نصب إماما أخرا وإن شاء ترك، فاتضح أن الواجب على الله إيجاد ما يقتضي بقاء شرعه كإيجاد ما يقتضي حدوثه، وأما رفع الموانع قهرا عما يقتضي البقاء أو ما يقتضي الحدوث فلا قاطع يقضي به، فإن نفس تشريع الشريعة وإرادة بقاءها لا يوجب إبقاء المحدث والمبقي على الله وإن قضت بإيجادهما للفرق الواضح بين الإيجاد والإبقاء، والخصم قاس الحدث بالبقاء فعارضنا بزمن الغيبة والحال أنه لا مساواة بينهما ولا قاعدة اللطف تقتضيهما، بل إنما تقتضي الحدوث فيهما فقط.
وبالجملة أن أحداث الشريعة تقتضي بدليل اللطف إرسال من يحدثها ويعرفها للناس ولا تقتضي رفع الموانع عنه، وبقائها أيضا بالدليل المزبور يقتضي نصب من يبقيها ويحفظ أحكامها ولا يوجب غير ذلك من