(الثاني): إن اللطف فعل اختياري والداعي لصدوره من الآمر موجود، والفعل الاختياري مع وجود الداعي وعدم المانع لا يتخلف، أما وجود الداعي فلأن إرادة هذا الأمر لطف بالنسبة إلى الآمر، فكما تبعث هذه الإرادة على صدور الأمر والطلب، كذلك تبعث على ارتكاب اللطف لأن في كليهما فائدة وأثر ويحصل بكليهما المقصود وإذا كانت العلية مشتركة بينهما فتخصيصها بأحدهما تفكيك بين العلة والمعلول.
(الثالث): إن الذات المقدسة علة الإفاضة ومبدأ صدور كل خير، واللطف فيض من الفيوضات ومصلحة من المصالح الإلهية، فإذا خلى من المانع لا يتخلف عن إفاضة الفياض، واعلم إن تمامية الوجوه موقوف على معلومية عدم المفسدة في نصب الإمام (ع).
وأما جواب من أنكر اللطف بملاحظة النقوض التي تقدمت مثل غناء الفقير المانع له من ارتكاب المعصية وأمثال ذلك زاعما إن النقض بذلك يكشف إجمالا عن فساد الدليل فهو إنا وإن لم ننكر إنه إذا منع من اللطف مانع أو عرضت له مفسدة يكتفي الشارع المقدس بنفس الأعلام بالتكاليف الشرعية، ولا يجب عليه النصب من جهة وجوب اللطف لكنا نمنع عروض المفسدة المانعة من اللطف في المقام، وما وقع من العلماء من التزلزل في أصل وجوبه للنقوض التي سلفت ففي غير محله لأن كل واحد من الأمور المذكورة غير سالم عن عروض المفسدة المانعة من اللطف فلا تصلح أن تكون نقضا على الدليل العقلي القاضي بوجوبه، وبسط الكلام في محل آخر.