ليس كذلك، بل ذكرنا وجود المصلحة في وجوب تعيين الإمام على الله تعالى وسيجئ في رد المناقشة الثالثة ما يوضح هذا المطلب على إن المصلحة المذكورة في تفويض أمر الإمامة إلى الأمة مصلحة سفسطائية لا تليق بأن يدعيها من له أدنى مسكة، فإنه لا يلزم على الله أن يتبع في كيفية العبادة شهوات العباد وآرائهم، بل لا يجوز له بناء على التحسين والتقبيح أن يخالف المصلحة الظاهرة كي لا تعصي الناس، بل اللازم على العباد أن تتبع إرادة الله فيما يريده ويأمر به وإن كان بأمر الرسول الباطني وهو العقل، وفي الأثر (اعبد الله حيث يريد لا حيث تريد).
خلاصة المقال إنه بعد معلومية المصلحة في نصب واجب الوجود وتعيينه لمخلوقه إماما يرجعون إليه في الأمور الإلهية يلزم الاعتقاد بوجوب تعيينه، ولا معارض لهذه المصلحة إلا توهم عدم تمكين الأمة للإمام المنصوب من الله تعالى لبعض الوسوسات الشيطانية، وهو بالبداهة ليس بمفسدة تعارض تلك المصلحة فترفعها، أترى يمكن أن يقال إن المصلحة في أن لا يخلق الله لزيد يدا كي لا يسرق؟ فلا وقع لهذا التوهم أبدا.
وعن الثالث: - وهو إنكار لزوم العمل بهذه المصلحة التي يطلق عليها اسم اللطف، بأن من أنكر ذلك إن استند فيه إلى إنكار الحسن والقبح فقد عرفت بطلانه بما لا مزيد عليه.
وإن ادعى إنه لا شئ يجب على الله من باب اللطف وإن كان حسنا ولا يمتنع ذلك وإن قبح، فهو لا وجه له ضرورة إن اللطف على الله تعالى واجب بل خلافه ممتنع لجهتين: -