النعال فعافوا ما يصلح دينهم لدنياهم وذلك معنى (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا)، يعني بعد النصب وإكمال الحجة وتعيين الإمام لا يضر الله تعالى من يعصي ولم يتمثل وهو معنى الانقلاب، وهذا هو ما أشرنا إليه آنفا من إن عروض المعصية بعد نصب الإمام وعدم امتثال أمره لا يجب على الله إزالته وإن وجب عليه إزالة ما يمنع من النصب ومما يقضى بأن اجتماعهم كان طلبا للرياسة لا لإصلاح أمر الأمة تظلم الأمير (ع) كما وقع في النهج الذي لا ريب أنه من كلامه قال في خطبة له (حتى قبض رسول الله رجع قوم على الأعقاب وغالتهم السبل ووصلوا غير الرحم الذي أمروا بمودته ونقلوا البناء عن رص أساسه حتى بنوه في غير مرضه) وقوله في أخرى (فلما مضى محمد (ص) تنازع المسلمون الأمر من بعده فوالله ما يلقى في روعي ولا يخطر ببالي إن العرب تزيح هذا الأمر عن أهل بيته ولا أنهم منحوه عني فما راعني إلا انثيال الناس على فلان يبايعونه فأمسكت بيدي) إلى غير ذلك من تظلمه من يوم السقيفة، فأين صلاح أمر الأمة والأمير يرى فساد أمرهم بهذا، وأهل السنة لما عرفوا بشاعة هذا الأمر وشناعته أخذ يلفقون ما يموهون به على العوام لرفع التشنيع عليهم من هذه الجهة لكنهم كحاطب ليل لا يدري ما يجمع، فيجيبون تارة عن ذلك بأن الصحابة أرادوا الجمع بين الأمرين فتركوا جمعا منهم يجهز النبي (ص) وجمعا آخر يشتغل بأمر الخلافة والإمامة في المحل المعد له، وليس في هذا إلا تمام العدل والإنصاف
(٦٠)