إن نصب الإمام واجب على الأمة من باب المقدمة، والإمامية تقول إن نصب الإمام له تمام المدخلية في الإطاعة والانقياد لأوامر الله تعالى ونواهيه، وإجراء حدوده وإغاثة المظلوم والانتقام من الظالم، وإزالة الفساد من الأمة، وحصول التعزير لمن يستحقه على ارتكاب المعاصي، وبيان الأحكام بأسرها وبيان المصالح دينا ودنيا، فلا ريب في إن مثل هذا الشخص الجامع لتلك الخصال لطف من الله تعالى ووجوبه على الله تعالى من جهة اشتمال النصب على المصلحة، وتركها مع الإمكان قبح، ولا يصدر منه تعالى على إنه مع ترك النصب يلزم نقض الغرض وخلاف المقصود، وقبح ذلك واضح، مثاله إن من دعا أحدا للضيافة وهو يعلم إنه لا يأتي إلا بمألكة تايقه من الداعي وبدونها لا تحصل الإجابة منه، ومن دعاه يريد وفوده عليه فإن ترك المألكة مع دعوته بغيرها وإرادته يلزم منه نقض غرض الداعي، كذلك ترك نصب الإمام مع علم الله تعالى بتعطيل جملة من الأحكام في تركه، فإنه نقض للغرض وخلاف المقصود، والفرق بين هذا الدليل وسابقه إن مبنى الأول بقاء الأحكام واحتياج الأمة إلى الإمام في تمييز الحلال من الحرام إلى الدوام، وهذا الدليل مبناه مدخلية وجود الإمام في الإطاعة والانقياد بعد معلومية أحكام الله تعالى فحينئذ نصب الإمام من باب اللطف يلزم على الله تعالى من جهتين لكنه من الجهة الأولى مشترك بين وجود الإمام والنبي (ص)، ومن الثانية مختص بوجود الإمام كما إن الدليل إنما يوجب نصب الإمام على الله من حيثيته توقف بقاء الشريعة المطلوب لله تعالى عليه، والثاني يوجب النصب لمدخلية وجود الإمام (ع) في امتثال أحكام الشريعة لا من جهة توقف بقائها عليه، ودليل اللطف
(٤١)