العبدين، ما أكرمهما على الله! فيأتي النداء من قبل الله جل جلاله يسمع النبيين والصديقين والشهداء والمؤمنين: هذا حبيبي محمد وهذا وليي علي، طوبى لمن أحبه وويل لمن أبغضه وكذب عليه فلا يبقى يومئذ أحد أحبك يا علي إلا استروح إلى هذا الكلام وابيض وجهه وفرح قلبه، ولا يبقى أحد ممن عاداك أو نصب لك حربا أو جحد لك حقا إلا اسود وجهه واضطربت قدماه.
فبينما أنا كذلك إذا ملكان قد أقبلا إلي، أما أحدهما فرضوان خازن الجنة، وأما الآخر فمالك خازن النار، فيدنو رضوان فيقول: السلام عليك يا أحمد، فأقول: عليك السلام أيها الملك، من أنت؟ فما أحسن وجهك وأطيب ريحك! فيقول: أنا رضوان خازن الجنة وهذه مفاتيح الجنة بعث بها إليك رب العزة، فخذها يا أحمد، فأقول: قد قبلت ذلك من ربي فله الحمد على ما فضلني به، ادفعها إلى أخي علي بن أبي طالب، ثم يرجع رضوان فيدنو مالك فيقول: السلام عليك يا أحمد، فأقول السلام عليك أيها الملك، من أنت؟ فما أقبح وجهك وأنكر رؤيتك؟
فيقول: أنا مالك خازن النار وهذه مقاليد النار بعث بها إليك رب العزة فخذها يا أحمد؟ فأقول:
قد قبلت ذلك من ربي فله الحمد على ما فضلني به، ادفعها إلى أخي علي بن أبي طالب، ثم يرجع مالك فيقبل علي ومعه مفاتيح الجنة ومقاليد النار حتى يقف على عجزة جهنم وقد تطاير شررها وعلا زفيرها واشتد حرها، وعلي آخذ بزمامها وتقول له جهنم: جزني يا علي فقد أطفأ نورك لهبي فيقول لها علي: قري يا جهنم وخذي هذا، واتركي هذا، خذي هذا عدوي واتركي هذا وليي، فلجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي من غلام أحدكم لصاحبه، فإن شاء يذهبها يمنة وإن شاء يذهبها يسرة، ولجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي فيما يأمرها به من جميع الخلائق " (1).
الثامن عشر: محمد بن يعقوب عن محمد بن علي بن معمر عن محمد بن علي بن عكاية التميمي عن الحسين بن النضر الفهري عن أبي عمر والأوزاعي عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد قال: دخلت علي أبي جعفر (عليه السلام) فقلت: يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أرمضتني اختلاف الشيعة في مذاهبها فقال: " يا جابر ألم اقفك على معنى اختلافهم من أين اختلفوا ومن أي جهة تفرقوا؟ " قلت: بلى يا بن رسول الله قال: " فلا تختلف إذا اختلفوا، يا جابر إن الجاحد لصاحب الزمان كالجاحد لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في أيامه، يا جابر اسمع وع ".
قلت: إن شئت، قال: " اسمع وع وبلغ حيث انتهت بك راحلتك: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) خطب