غاية المرام - السيد هاشم البحراني - ج ٧ - الصفحة ٧١
أيها الناس، إنه من قل ذل، ومن جاد ساد، ومن كثر ماله رأس، ومن كثر حلمه نبل، ومن فكر في ذات الله تزندق، ومن أكثر من شئ عرف به، ومن كثر مزاحه استخف به، ومن كثر ضحكه ذهبت هيبته فسد حسب من ليس له أدب، إن أفضل الفعال صيانة العرض بالمال، ليس من جالس الجاهل بذي معقول، ومن جالس الجاهل فليستعد لقيل وقال، لن ينجو من الموت غني بماله، ولا فقير لإقلاله.
أيها الناس لو أن السلامة من الموت يشترى لاشتراه أهل الدنيا الكريم الأبلج واللئيم الملهوج (1).
أيها الناس إن للقلوب شواهد تجري الأنفس عن مدرجة أهل التفريط وفطنة الفهم إلى المواعظ مما تدعو النفس إلى الحذر من الخطر، وللقلوب خواطر للهوى، والعقول تزجر وتنهى، وفي التجارب علم مستأنف، والاعتبار يقود إلى الرشاد، وكفاك أدبا لنفسك ما تكرهه لغيرك، عليك لأخيك المؤمن مثل الذي لك عليه، لقد خاطر من استغنى برأيه، والتدبير قبل العمل فإنه يؤمنك من الندم، ومن استقبل وجوه الردى عرف مواقع الخطأ، ومن أمسك عن الفضول عدلت رأيه العقول، ومن حصن شهوته فقد صان قدره، ومن أمسك لسانه أمنه قومه ونال حاجته، وفي تقلب الأحوال علم جواهر الرجال، والأيام توضح لك السرائر الكامنة، وليس في البرق الخاطف مستمتع لمن يخوض في الظلمة، ومن عرف بالحكمة لحطته العيون بالوقار والهيبة، وأشرف الغنى ترك المنى، والصبر جنة من الفاقة والحرص علامة الفقر، والبخل جلباب المسكنة، والمودة قرابة مستفادة، ووصول معدم خير من جاف مكثر، والموعظة كهف لمن وعاها، ومن أطلق طرفه كثر أسفه وقد أوجب الدهر شكره على من نال صوله، وقل ما ينصفك اللسان في نشر قبيح وإحسان، ومن ضاق خلقه مله أهله، ومن قدر استطال، وقل ما يصدقك الأمنية، والتواضع يكسوك المهابة، وفي سعة الأخلاق كنوز الأرزاق، كم من عاكف على ذنبه في آخر أيام عمره، ومن كساه الحياء ثوبه خفي على الناس عيبه، انح القصد من القول فإن من تحرى القصد خفت عليه المؤن، وفي خلاف النفس رشدك، من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد، ألا وإن مع كل جرعة شرقا وإن في كل أكلة تغصصا، ولا تنال نعمة إلا بزوال أخرى، ولكل زمن قوت، ولكل حبة أكل، وأنت قوت الموت.
اعلموا أيها الناس أن من مشى على وجه الأرض فإنه يصير إلى بطنها، والليل والنهار

(1) الملهوج: الحريص.
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثلاثون والمائة في زهد أمير المؤمنين عليه السلام من طريق الخاصة وفيه ثلاثون حديثا 5
2 الباب الحادي والثلاثون والمائة في خوفه من الله وبكائه من خشية الله تعالى وخبر ضرار وخبر أبي الدرداء، وطلاقه الدنيا ثلاثا من طريق العامة وفيه عشرة أحاديث 16
3 الباب الثاني والثلاثون والمائة في خوفه عليه السلام من الله وبكائه من خشية الله تعالى وخبر ضرار، وتصور الدنيا له عليه السلام وطلاقه الدنيا من طريق الخاصة وفيه ستة أحاديث 21
4 الباب الثالث والثلاثون والمائة في أن أمير المؤمنين عليه السلام ينادي يوم القيامة من طريق العامة وفيه حديثان 26
5 الباب الرابع والثلاثون والمائة في أن عليا ينادي يوم القيامة من طريق الخاصة وفيه حديث واحد 27
6 الباب الخامس والثلاثون والمائة في أن الركبان الأربعة يوم القيامة منهم أمير المؤمنين عليه السلام من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث 28
7 الباب السادس والثلاثون والمائة في ان الركبان يوم القيامة أربعة منهم علي عليه السلام من طريق الخاصة وفيه خمسة أحاديث 30
8 الباب السابع والثلاثون والمائة في أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يوم القيامة حامل لواء الحمد وولي الحوض وساقيه من طريق العامة وفيه أحد عشر حديثا 34
9 الباب الثامن والثلاثون والمائة في أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يوم القيامة حامل لواء الحمد وولي الحوض وساقيه من طريق الخاصة وفيه تسعة عشر حديثا 40
10 الباب التاسع والثلاثون والمائة في أنه عليه السلام حامل اللواء يوم القيامة وساقي الحوض وقسيم الجنة والنار من طريق العامة زيادة في ما تقدم وفيه ثمانية وعشرون حديثا 48
11 الباب الأربعون والمائة في أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قسيم الجنة والنار من طريق الخاصة وفيه ثمانية عشر حديثا 59
12 الباب الحادي والأربعون والمائة في إمامة الامام الثاني عشر من الأئمة الاثني عشر: 77
13 الباب الثاني والأربعون والمائة في إمامة الامام الثاني عشر عليه السلام من الأئمة الاثني عشر 119
14 الباب الثالث والأربعون والمائة في ذكر ما استدل به الشيخ ابن طلحة على الامام المهدي عليه السلام 135
15 الباب الرابع والأربعون 142
16 نصيحة لطيفة وهداية شريفة نختم بها هذا الكتاب 150
17 في رسائل الجاحظ حول أحقية الأمير عليه السلام بالخلافة وأفضليته 153