يتسارعان في هدم الأعمار، أيها الناس كفر النعمة لؤم، وصحبة الجاهل شؤم، وإن من الكرم لين الكلام، ومن العبادة إظهار اللسان وإفشاء السلام، إياك والخديعة فإنها من خلق اللئام، وليس كل طالب يصيب ولا كل غائب يؤوب، لا ترغب فيمن زهد فيك، رب بعيد أقرب من قريب، سل عن الرفيق قبل الطريق وعن الجار قبل الدار، ألا ومن أسرع في المسير أدركه المقيل، استر عورة أخيك كما تعلمها فيك، اغفر زلة صديقك ليوم يركبك عدوك، من غضب على من لا يقدر عليه علا ضره وطال حزنه، وعذب نفسه، ومن خاف ربه كف ظلمه.
وفي نسخة: من خاف ربه كفي عذابه، ومن لم يزغ في كلامه أظهر فخره، ومن لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهيمة، إن من الفساد إضاعة الزاد، ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غدا، هيهات هيهات، وما تناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي والذنوب، فما أقرب الراحة من التعب والبؤس من النعيم، وما شر بشر بعده الجنة وما خير بخير بعده النار، وكل نعيم دون الجنة محقور، وكل بلاء دون النار عافية، وعند تصحيح الضمائر تبدو الكبائر وتصفية العمل أشد من العمل، وتخليص النية من الفساد أشد على العاملين من طول الجهاد، وهيهات، لولا التقى كنت أدهى العرب.
أيها الناس إن الله عز وجل وعد نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) الوسيلة ووعده الحق ولن يخلف الله وعده، ألا وإن الوسيلة أعلى درج الجنة، وذروة ذوائب الزلفة، ونهاية غاية الأمنية لها ألف مرقاة، ما بين المرقاة إلى المرقاة حضر الفرس الجواد مائة عام - وفي نسخة - ألف عام، وهو ما بين مرقاة دره إلى مرقاة جوهرة إلى مرقاة زبرجدة إلى مرقاة لؤلؤة إلى مرقاة ياقوتة إلى مرقاة زمردة إلى مرقاة مرجان إلى مرقاة كافور إلى مرقاه عنبر إلى مرقاة يلنجوج إلى مرقاة ذهب إلى مرقاة فضة إلى مرقاة غمام إلى مرقاة هواء إلى مرقاة نور، قد أنافت على كل الجنان ورسول الله (صلى الله عليه وآله) قاعد عليها مرتد بريطتين: ريطة من رحمة الله وريطة من نور الله، عليه تاج النبوة وإكليل الرسالة، قد أشرق بنوره المحشر، وأنا يومئذ على الدرجة الرفيعة وهي دون درجته، وعلي ريطتان: ريطة من ارجوان النور، وريطة من كافور، والرسل والأنبياء قد وقفوا على المراقي، وأعلام الأزمنة وحجج الدهور عن أيماننا قد تجللتهم حلل النور والكرامة، ولا يرانا ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا بهت من نورنا وحجب من ضيائنا وجلالنا، وعن يمين الوسيلة عن يمين رسول الله (صلى الله عليه وآله) غمامة بسط البصر يأتي منها النداء: يا أهل الموقف طوبى لمن أحب الوصي وآمن بالنبي الأمي العربي، ومن كفر به فالنار موعده، وعن يسار الوسيلة عن يسار رسول الله (صلى الله عليه وآله) ظلة يأتي منها النداء: يا أهل