غاية المرام - السيد هاشم البحراني - ج ٧ - الصفحة ١٤٧
في نفسي: أهل البادية ما يكادون يحترزون من النجاسة وأنا قد خرجت من الماء وقميصي مبلول ثم، إني مع ذلك تقدمت إليه فلزمني بيده ومدني إليه وجعل يلمس جانبي من كتفي إلى أن أصابت يده التوثة فعصرها بيده فأوجعني ثم استوى على سرجه كما كان، فقال لي الشيخ: أفلحت يا إسماعيل، فعجبت من معرفته اسمي، فقلت: أفلحنا وأفلحتم إن شاء الله تعالى.
قال: فقال لي الشيخ: هذا هو الإمام (عليه السلام)، قال: فتقدمت إليه واحتضنته وقبلت فخذه ثم إنه ساق وأنا أمشي معه محتضنه، فقال: إرجع فقلت: لا أفارقك أبدا فقال: المصلحة رجوعك فأعدت عليه مثل القول الأول فقال الشيخ: يا إسماعيل ما تستحي، يقول لك الإمام مرتين ارجع وتخالفه، فجبهني بهذا القول فوقفت، فتقدم خطوات والتفت إلي وقال: إذا وصلت بغداد فلا بد أن يطلبك أبو جعفر يعني الخليفة المنتصر (1)، فإذا حضرت عنده وأعطاك شيئا فلا تأخذه وقل لولدنا الرضي ليكتب لك إلى علي بن عوض فإنني أوصيه يعطيك الذي تريد، ثم سار وأصحابه معه فلم أزل قائما أبصرهم حتى بعدوا وحصل عندي أسف لمفارقته، فقعدت إلى الأرض ساعة ثم مضيت إلى المشهد فاجتمع القوم حولي وقالوا: نرى وجهك متغيرا، أوجعك شئ؟ قلت: لا، قالوا: أخاصمك أحد؟ قلت: لا، ليس عندي مما تقولون خبر، ولكن أسألكم هل عرفتم الفرسان الذين كانوا عندكم فقالوا: هم الشرفاء أرباب الغنم فقلت: لا، بل هو الإمام فقالوا: الإمام هو الشيخ أو صاحب الفرجية، فقلت: هو صاحب الفرجية فقالوا: أريته المرض الذي كان فيك؟ فقلت: هو قبضه بيده فأوجعني، ثم كشفت رجلي فلم أر لذلك المرض أثرا، فداخلني الشك من الدهش فأخرجت رجلي الأخرى فلم أر شيئا.
فانطبق الناس علي ومزقوا القميص، وأدخلني القوام خزانة ومنعوا الناس عني وكان ناظر بين النهرين بالمشهد فسمع الضجة وسأل عن الخبر فعرفوه فجاء إلى الخزانة وسألني عن اسمي فسألني: منذ كم خرجت من بغداد؟ فعرفته أني خرجت من بغداد أول الأسبوع فمشى عني، وبت بالمشهد وصليت الصبح وخرجت وخرج الناس معي إلى أن بعدت عن المشهد ورجعوا عني ووصلت إلى إيوان فبت بها، وبكرت منها أريد بغداد فرأيت الناس مزدحمين على القنطرة العتيقة يسألون من ورد عليهم عن اسمه ونسبه وأين كان فسألوني عن اسمي وعن نسبي ومن أين جئت؟
فعرفتهم فاجتمعوا علي ومزقوا ثيابي ولم يبق لي في روحي حكم، وكان الناظر بين النهرين كتب إلى بغداد وعرفهم الحال ثم حملوني إلى بغداد وازدحم الناس علي وكادوا يقتلوني من كثرة

(1) في المصدر: المستنصر.
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثلاثون والمائة في زهد أمير المؤمنين عليه السلام من طريق الخاصة وفيه ثلاثون حديثا 5
2 الباب الحادي والثلاثون والمائة في خوفه من الله وبكائه من خشية الله تعالى وخبر ضرار وخبر أبي الدرداء، وطلاقه الدنيا ثلاثا من طريق العامة وفيه عشرة أحاديث 16
3 الباب الثاني والثلاثون والمائة في خوفه عليه السلام من الله وبكائه من خشية الله تعالى وخبر ضرار، وتصور الدنيا له عليه السلام وطلاقه الدنيا من طريق الخاصة وفيه ستة أحاديث 21
4 الباب الثالث والثلاثون والمائة في أن أمير المؤمنين عليه السلام ينادي يوم القيامة من طريق العامة وفيه حديثان 26
5 الباب الرابع والثلاثون والمائة في أن عليا ينادي يوم القيامة من طريق الخاصة وفيه حديث واحد 27
6 الباب الخامس والثلاثون والمائة في أن الركبان الأربعة يوم القيامة منهم أمير المؤمنين عليه السلام من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث 28
7 الباب السادس والثلاثون والمائة في ان الركبان يوم القيامة أربعة منهم علي عليه السلام من طريق الخاصة وفيه خمسة أحاديث 30
8 الباب السابع والثلاثون والمائة في أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يوم القيامة حامل لواء الحمد وولي الحوض وساقيه من طريق العامة وفيه أحد عشر حديثا 34
9 الباب الثامن والثلاثون والمائة في أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يوم القيامة حامل لواء الحمد وولي الحوض وساقيه من طريق الخاصة وفيه تسعة عشر حديثا 40
10 الباب التاسع والثلاثون والمائة في أنه عليه السلام حامل اللواء يوم القيامة وساقي الحوض وقسيم الجنة والنار من طريق العامة زيادة في ما تقدم وفيه ثمانية وعشرون حديثا 48
11 الباب الأربعون والمائة في أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قسيم الجنة والنار من طريق الخاصة وفيه ثمانية عشر حديثا 59
12 الباب الحادي والأربعون والمائة في إمامة الامام الثاني عشر من الأئمة الاثني عشر: 77
13 الباب الثاني والأربعون والمائة في إمامة الامام الثاني عشر عليه السلام من الأئمة الاثني عشر 119
14 الباب الثالث والأربعون والمائة في ذكر ما استدل به الشيخ ابن طلحة على الامام المهدي عليه السلام 135
15 الباب الرابع والأربعون 142
16 نصيحة لطيفة وهداية شريفة نختم بها هذا الكتاب 150
17 في رسائل الجاحظ حول أحقية الأمير عليه السلام بالخلافة وأفضليته 153