أصلا والنبي (صلى الله عليه وآله) قال: " لا نبي بعدي " وقال (صلى الله عليه وآله): " الحلال ما أحل الله على لساني إلى يوم القيامة والحرام ما حرم الله على لساني إلى يوم القيامة " فلا بد من أن يكون عونا وناصرا ومصدقا، وإذا لم يجد من يكون له عونا ومصدقا لم يكن لوجوده، تأثير، فثبت أن وجود المهدي أصل لوجوده وكذلك الدجال اللعين لا يصح وجوده في آخر الزمان، ولا يكون للأمة إمام يرجعون إليه، ووزير يعولون عليه لأنه لو كان الأمر كذلك لم يزل الإسلام مقهورا ودعوته باطلة فصار وجود الإمام أصلا لوجوده على ما قلنا.
وأما الجواب عن إنكارهم بقاءه في السرداب من غير أحد يقوم بطعامه وشرابه ففيه جوابان:
أحدهما بقاء عيسى (عليه السلام) في السماء من غير أحد يقوم بطعامه وشرابه، وهو بشر مثل المهدي (عليه السلام) فكما جاز بقاؤه في السماء والحال هذه فكذلك المهدي في السرداب.
فإن قلت: إن عيسى (عليه السلام) يغذيه رب العالمين من خزانة غيبه.
قلت: لا تفنى خزائنه بانضمام المهدي إليه في غذائه فإن قلت: إن عيسى ليس من طبيعته البشرية قلت هذا دعوى باطلة لأنه تعالى قال لأشرف أنبيائه: * (قل إنما أنا بشر مثلكم) * (1).
فإن قلت: اكتسب ذلك من العالم العلوي، قلت: هذا يحتاج إلى توقيف ولا سبيل إليه: والثاني:
بقاء الدجال في الدير على ما تقدم بأشد الوثائق، مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبه بالحديد، وفي رواية في بئر موثوق، وإذا كان بقاء الدجال ممكنا على الوجه المذكور من غير أحد يقوم بطعامه وشرابه، فما المانع من بقاء المهدي (عليه السلام) مكرما من غير الوثاق إذ الكل في مقدور الله تعالى؟ فثبت أنه غير ممتنع شرعا ولا عادة، ثم ذكر بعد هذه الأبحاث خبر سطيح ووقايع وحوادث تجرى وزلازل من فتن، ثم إنه يذكر خروج المهدي (عليه السلام) وإنه يملأ الأرض عدلا وتطيب الدنيا وأهلها في أيام دولته (2).
قال الشيخ الفاضل في كتاب كشف الغمة بعد أن ذكر ما ذكرناه عقيب: هذه الأبحاث والجوابات لا تثبت لنا حجة ولا تقطع الخصم ولا تضره لما يرد عليها من الإيرادات وتطويله في إثبات بقاء المسيح (عليه السلام) وإبليس والدجال، فهي مثل الضروريات عند المسلمين فلا حاجة إلى التكلف لتقريرها، والجواب المختصر ما ذكرته آنفا وهو أن النقل قد ورد به من طرق المؤالف والمخالف، والعقل لا يحيله فوجب القطع به، فأما قوله: إن المهدي (عليه السلام) في سرداب وكيف يمكن بقاؤه من غير أحد يقوم بطعامه وشرابه فهذا قول عجيب وتصور غريب فإن الذين أنكروا وجوده (عليه السلام) لا يوردون