تلي المدينة، فيخرج إليه يومئذ رجل وهو خير الناس أو من خير الناس فيقول له: أشهد أنك الدجال الذي حدثنا النبي (صلى الله عليه وآله) حديثه، فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته أتشكون في الأمر؟ فيقولون: لا، قال: فيقتله ثم يحييه فيقول حين يحييه: والله ما كنت فيك قط أشد بصيرة مني الآن قال: فيريد الدجال أن يقتله ثانيا فلا يسلط عليه " قال أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سعيد يقال إن هذا الرجل الخضر (عليه السلام) (1)، وهذا لفظ مسلم في صحيحه كما سقناه سواء.
وأما الدليل على بقاء الدجال فإنه أورد حديث تميم الداري والجساسة الدابة التي تكلمهم وهو حديث صحيح ذكره مسلم في صحيحه (2) وقال: هذا حديث صحيح في بقاء الدجال قال، وأما الدليل على بقاء إبليس اللعين فآي الكتاب العزيز نحو قوله تعالى: * (قال أنظرني إلى يوم يبعثون * قال إنك من المنظرين) * (3) وأما بقاء المهدي (عليه السلام) فقد جاء في الكتاب والسنة، أما الكتاب فقد قال سعيد بن جبير في قوله تعالى: * (ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) * (4) قال: هو المهدي (عليه السلام) من عترة فاطمة (عليها السلام).
وأما من قال أنه عيسى (عليه السلام) فلا تنافي بين القولين إذ هو مساعد للإمام (عليه السلام) على ما تقدم.
وقد قال مقاتل بن سليمان ومن شايعه من المفسرين في تفسير قوله تعالى: * (وإنه لعلم للساعة) * (5) قال: هو المهدي يكون في آخر الزمان وبعد خروجه يكون قيام الساعة وأماراتها.
وأما الجواب عن طول الزمان فمن حيث النص والمعنى، أما النص فما تقدم من الأخبار على أنه لا بد من وجود الثلاثة في آخر الزمان وأنهم ليس فيهم متبوع غير المهدي (عليه السلام) بدليل أنه إمام الأئمة في آخر الزمان وأن عيسى (عليه السلام) يصلي خلفه كما ورد في الصحاح ويصدقه في دعواه، والثالث هو الدجال اللعين، وقد ثبت أنه حي موجود.
وأما المعنى في بقائهم فلا يخلو من أحد قسمين أما أن يكون بقاؤهم داخلا في مقدور الله تعالى أو لا يكون، ويستحيل أن يخرج بقاؤهم عن مقدور الله تعالى لأن من بدأ الخلق من غير شئ وأفناه ثم يعيده بعد الفناء لا بد أن يكون البقاء في مقدوره، ثم اختيار البقاء لا يخلو من قسمين: أما أن يكون راجعا إلى اختياره تعالى أو اختيار الأمة، ولا يجوز أن يكون راجعا إلى اختيار الأمة، لأنه لو صح ذلك لجاز لأحدنا أن يختار البقاء لنفسه ولولده وذلك غير حاصل لنا ولا داخل تحت مقدورنا،