قلت: عملوا ذلك لأسباب:
منها: الميل إلى الدنيا وطلب ما فيها من الجاه والمال، وحب الدنيا رأس كل خطيئة، من ذلك ما نقله أبو المؤيد موفق بن أحمد أخطب الخطباء عند العامة في الفصل التاسع من كتابه في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال الشعبي: ما ندري ما نصنع بعلي (رضي الله عنه) إن أحببناه افتقرنا وإن أبغضناه كفرنا (1)؟.
ومنها: العلة الكبرى والمصيبة العظمى، تقليد الآباء والسلف الماضين من علمائهم المعلولين بهذه العلل فضلوا وأضلوا.
ومنها: الحسد للأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) ما أعطاهم من هذا المنصب الشريف والمترقي المنيف من أمر الله جل جلاله الخلق باتباعهم وفرض طاعتهم عليهم قال الله جل جلاله: * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) * (2) الآية، وقد روى المؤالف والمخالف في تفسير هذه الآية عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) هم الناس المحسودون (3).
ومنها: اتباع الهوى وما تهوى الأنفس وقد جاءهم من ربهم الهدى، وجحود الحق وترك العمل به، قال الله جل جلاله في كتابه إخبارا عن أهل الكتاب: * (وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به) * (4) وقال جل جلاله: * (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم) * (5) يعني أهل الكتاب يعرفون نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) بنعت الله جل جلاله ووصفه لمحمد (صلى الله عليه وآله) في التوراة والإنجيل وقال تعالى: * (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا) * (6) وقال عز وجل:
* (ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شئ قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله) * (7).
وقال تعالى: * (ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين) * (8).
وقال جل ذكره: * (ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون * لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون) * (9).