غاية المرام - السيد هاشم البحراني - ج ٧ - الصفحة ١٥٨
خطايا الناس وأوزارهم، بل أوليك سقاية الحاج والإنفاق على زوار الله، ولهذا كان رباه أول ربا وضع، ودم ربيعة بن الحارث أول دم أهدر لأنهما القدوة في النفس والمال، لهذا قال علي (عليه السلام) على منبر الجماعة: " نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحد " (1) وصدق (عليه السلام)، كيف يقاس بقوم منهم رسول الله وآله، الأطيبان علي وفاطمة والسبطان الحسن والحسين والشهيدان أسد الله حمزة وذو الجناحين جعفر وسيد الوادي عبد المطلب وساقي الحجيج العباس وحليم البطحاء والنجدة والخير فيهم، والأنصار أنصارهم، والمهاجر من هاجر إليهم ومعهم، والصديق من صدقهم، والفاروق من فرق بين الحق والباطل فيهم، والحواري حواريهم، وذو الشهادتين لأنه شهد لهم، ولا خير إلا فيهم ولهم ومنهم ومعهم وقال (صلى الله عليه وآله) فيما أبان به أهل بيته: " إني تارك فيكم الخليفتين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " (2) ولو كانوا كغيرهم لما قال عمر حين طلب مصاهرة علي: إني سمعت رسول الله (عليه السلام) يقول: " كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي " (3).
واعلم أن الرجل قد ينازع في تفضيل ماء دجلة على ماء الفرات فإن لم يتحفظ وجد في قلبه على شارب ماء دجلة رقة لم يكن يجدها، ووجد في قلبه غلظة على شارب ماء الفرات لم يكن يجدها، فالحمد لله الذي جعلنا لا نفرق بين أبناء نبينا ورسولنا فنحكم لجميع المرسلين بالتصديق ولجميع السلف بالولاية، ونخص بني هاشم بالمحبة ونعطي كل امرئ قسطه من المنزلة، فأما علي ابن أبي طالب (عليه السلام) فلو أفردنا لأيامه الشريفة ومقاماته الكريمة ومناقبه السنية كلاما لأفنينا في ذلك الطوامير الطوال، العرق صحيح والمنشأ كريم والشأن عظيم والعمل جسيم والعلم كثير والبيان عجيب واللسان خطيب والصدر رحيب، فأخلاقه وفق أعراقه وحديثه يشهد بقديمه، وليس التدبير في وصف مثله إلا ذكر جمل قدره واستقصاء جميع حقه، وإذا كان كتابنا لا يحتمل تفسير جميع أمره ففي هذه الجملة بلاغ لمن أراد معرفة فضله.
وأما الحسن والحسين (عليهما السلام) فمثلهما مثل الشمس والقمر فمن أعطى ما في الشمس والقمر من المنافع العامة والنعم الشاملة التامة ولو لم يكونا ابني علي (عليه السلام) من فاطمة (عليها السلام)، ورفعت من وهمك كل رواية وكل سبب توجبه القرابة لكنت لا تقرن بهما أحدا من أجلة أولاد المهاجرين والصحابة إلا أراك فيهما الإنصاف من تصديق قول النبي (صلى الله عليه وآله): " إنهما سيدا شباب أهل الجنة " (4) وجميع من هما

(١) بحار الأنوار ٢٦ / ٢٦٩ ح ٥.
(٢) بحار الأنوار ٢٢ / ٤٦٥ ح ١٩.
(٣) بحار الأنوار ٣٩ / ١٠٨ ح ٢٢.
(٤) بحار الأنوار ٤٦ / 81 ح 6.
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثلاثون والمائة في زهد أمير المؤمنين عليه السلام من طريق الخاصة وفيه ثلاثون حديثا 5
2 الباب الحادي والثلاثون والمائة في خوفه من الله وبكائه من خشية الله تعالى وخبر ضرار وخبر أبي الدرداء، وطلاقه الدنيا ثلاثا من طريق العامة وفيه عشرة أحاديث 16
3 الباب الثاني والثلاثون والمائة في خوفه عليه السلام من الله وبكائه من خشية الله تعالى وخبر ضرار، وتصور الدنيا له عليه السلام وطلاقه الدنيا من طريق الخاصة وفيه ستة أحاديث 21
4 الباب الثالث والثلاثون والمائة في أن أمير المؤمنين عليه السلام ينادي يوم القيامة من طريق العامة وفيه حديثان 26
5 الباب الرابع والثلاثون والمائة في أن عليا ينادي يوم القيامة من طريق الخاصة وفيه حديث واحد 27
6 الباب الخامس والثلاثون والمائة في أن الركبان الأربعة يوم القيامة منهم أمير المؤمنين عليه السلام من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث 28
7 الباب السادس والثلاثون والمائة في ان الركبان يوم القيامة أربعة منهم علي عليه السلام من طريق الخاصة وفيه خمسة أحاديث 30
8 الباب السابع والثلاثون والمائة في أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يوم القيامة حامل لواء الحمد وولي الحوض وساقيه من طريق العامة وفيه أحد عشر حديثا 34
9 الباب الثامن والثلاثون والمائة في أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يوم القيامة حامل لواء الحمد وولي الحوض وساقيه من طريق الخاصة وفيه تسعة عشر حديثا 40
10 الباب التاسع والثلاثون والمائة في أنه عليه السلام حامل اللواء يوم القيامة وساقي الحوض وقسيم الجنة والنار من طريق العامة زيادة في ما تقدم وفيه ثمانية وعشرون حديثا 48
11 الباب الأربعون والمائة في أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قسيم الجنة والنار من طريق الخاصة وفيه ثمانية عشر حديثا 59
12 الباب الحادي والأربعون والمائة في إمامة الامام الثاني عشر من الأئمة الاثني عشر: 77
13 الباب الثاني والأربعون والمائة في إمامة الامام الثاني عشر عليه السلام من الأئمة الاثني عشر 119
14 الباب الثالث والأربعون والمائة في ذكر ما استدل به الشيخ ابن طلحة على الامام المهدي عليه السلام 135
15 الباب الرابع والأربعون 142
16 نصيحة لطيفة وهداية شريفة نختم بها هذا الكتاب 150
17 في رسائل الجاحظ حول أحقية الأمير عليه السلام بالخلافة وأفضليته 153