خطايا الناس وأوزارهم، بل أوليك سقاية الحاج والإنفاق على زوار الله، ولهذا كان رباه أول ربا وضع، ودم ربيعة بن الحارث أول دم أهدر لأنهما القدوة في النفس والمال، لهذا قال علي (عليه السلام) على منبر الجماعة: " نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحد " (1) وصدق (عليه السلام)، كيف يقاس بقوم منهم رسول الله وآله، الأطيبان علي وفاطمة والسبطان الحسن والحسين والشهيدان أسد الله حمزة وذو الجناحين جعفر وسيد الوادي عبد المطلب وساقي الحجيج العباس وحليم البطحاء والنجدة والخير فيهم، والأنصار أنصارهم، والمهاجر من هاجر إليهم ومعهم، والصديق من صدقهم، والفاروق من فرق بين الحق والباطل فيهم، والحواري حواريهم، وذو الشهادتين لأنه شهد لهم، ولا خير إلا فيهم ولهم ومنهم ومعهم وقال (صلى الله عليه وآله) فيما أبان به أهل بيته: " إني تارك فيكم الخليفتين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " (2) ولو كانوا كغيرهم لما قال عمر حين طلب مصاهرة علي: إني سمعت رسول الله (عليه السلام) يقول: " كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي " (3).
واعلم أن الرجل قد ينازع في تفضيل ماء دجلة على ماء الفرات فإن لم يتحفظ وجد في قلبه على شارب ماء دجلة رقة لم يكن يجدها، ووجد في قلبه غلظة على شارب ماء الفرات لم يكن يجدها، فالحمد لله الذي جعلنا لا نفرق بين أبناء نبينا ورسولنا فنحكم لجميع المرسلين بالتصديق ولجميع السلف بالولاية، ونخص بني هاشم بالمحبة ونعطي كل امرئ قسطه من المنزلة، فأما علي ابن أبي طالب (عليه السلام) فلو أفردنا لأيامه الشريفة ومقاماته الكريمة ومناقبه السنية كلاما لأفنينا في ذلك الطوامير الطوال، العرق صحيح والمنشأ كريم والشأن عظيم والعمل جسيم والعلم كثير والبيان عجيب واللسان خطيب والصدر رحيب، فأخلاقه وفق أعراقه وحديثه يشهد بقديمه، وليس التدبير في وصف مثله إلا ذكر جمل قدره واستقصاء جميع حقه، وإذا كان كتابنا لا يحتمل تفسير جميع أمره ففي هذه الجملة بلاغ لمن أراد معرفة فضله.
وأما الحسن والحسين (عليهما السلام) فمثلهما مثل الشمس والقمر فمن أعطى ما في الشمس والقمر من المنافع العامة والنعم الشاملة التامة ولو لم يكونا ابني علي (عليه السلام) من فاطمة (عليها السلام)، ورفعت من وهمك كل رواية وكل سبب توجبه القرابة لكنت لا تقرن بهما أحدا من أجلة أولاد المهاجرين والصحابة إلا أراك فيهما الإنصاف من تصديق قول النبي (صلى الله عليه وآله): " إنهما سيدا شباب أهل الجنة " (4) وجميع من هما