غاية المرام - السيد هاشم البحراني - ج ٧ - الصفحة ١٣٨
دون غيره وتعينه لها، فأما إذا لم يعلم تخصيصه وانفراده بها فلا يحكم له بالدلالة، ونحن نسلم أنه من زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى ولادة الخلف الصالح الحجة محمد (عليه السلام) ما وجد من ولد فاطمة (عليه السلام) شخص جمع تلك الصفات التي هي العلامة والدلالة غيره، لكن وقت بعثة المهدي وظهوره وولايته هو في آخر أوقات الدنيا عند ظهور الدجال ونزول عيسى ابن مريم (عليه السلام)، وذلك سيأتي بعد مدة مديدة ومن الآن إلى ذلك الوقت المتراخي الممتد أزمان متجددة، وفي العترة الطاهرة من سلالة فاطمة (عليها السلام) كثرة يتعاقبون ويتوالدون إلى ذلك الأوان، فيجوز أن يولد من السلالة الطاهرة والعترة النبوية من يجمع تلك الصفات فيكون هو المهدي المشار إليه في الأحاديث المذكورة، ومع هذا الاحتمال والإمكان كيف يبقى دليلكم مختصا بالحجة محمد المذكور (عليه السلام)؟
فالجواب: إنكم إذا عرفتم أنه إلى وقت ولادة الخلف الصالح وإلى زماننا هذا لم يوجد من جمع تلك الصفات والعلامات بأسرها سواه فيكفي ذلك في ثبوت تلك الأحكام له عملا بالدلالة الموجودة في حقه، وما ذكرتموه من احتمال أن يتجدد مستقبلا في العترة الطاهرة من يكون بتلك الصفات، لا يكون قادحا في أعمال الدلالة، ولا مانعا من ترتيب حكمها عليها، فإن دلالة الدليل راجحة لظهورها واحتمال تجدد ما يعارضها مرجوح، ولا يجوز ترك الراجح بالمرجوح فإنه لو جوزنا ذلك لامتنع العمل بأكثر الأدلة المثبتة للأحكام (الشرعية) (1)، إذ ما من دليل إلا واحتمال تجدد ما يعارضه متطرق إليه، ولم يمنع ذلك من العمل به وفاقا.
والذي يوضح ذلك ويؤكده أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيما أورده الإمام مسلم بن الحجاج في صحيحه، يرفعه بسنده قال لعمر بن الخطاب: (يأتي عليك مع أمداد أهل اليمن أويس بن عامر من مراد ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل) (2).
فالنبي (صلى الله عليه وآله) ذكر اسمه ونسبه وصفته، وجعل ذلك علامة ودلالة على أن المسمى بذلك الاسم، المتصف بتلك الصفات لو أقسم على الله لأبره، وأنه أهل لطلب الاستغفار منه، وهذه منزلة عالية ومقام عند الله عظيم.
فلم يزل عمر بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبعد وفاة أبي بكر يسأل أمداد اليمن عن الموصوف بذلك، حتى قدم وفد من اليمن فسألهم فأخبر بشخص متصف بذلك، فلم يتوقف عمر في العمل بتلك العلامة والدلالة التي ذكرها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بل بادر إلى العمل بها واجتمع به وسأله الاستغفار،

(١) ليس في (ط).
(٢) صحيح مسلم ٧: ١٨٩.
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثلاثون والمائة في زهد أمير المؤمنين عليه السلام من طريق الخاصة وفيه ثلاثون حديثا 5
2 الباب الحادي والثلاثون والمائة في خوفه من الله وبكائه من خشية الله تعالى وخبر ضرار وخبر أبي الدرداء، وطلاقه الدنيا ثلاثا من طريق العامة وفيه عشرة أحاديث 16
3 الباب الثاني والثلاثون والمائة في خوفه عليه السلام من الله وبكائه من خشية الله تعالى وخبر ضرار، وتصور الدنيا له عليه السلام وطلاقه الدنيا من طريق الخاصة وفيه ستة أحاديث 21
4 الباب الثالث والثلاثون والمائة في أن أمير المؤمنين عليه السلام ينادي يوم القيامة من طريق العامة وفيه حديثان 26
5 الباب الرابع والثلاثون والمائة في أن عليا ينادي يوم القيامة من طريق الخاصة وفيه حديث واحد 27
6 الباب الخامس والثلاثون والمائة في أن الركبان الأربعة يوم القيامة منهم أمير المؤمنين عليه السلام من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث 28
7 الباب السادس والثلاثون والمائة في ان الركبان يوم القيامة أربعة منهم علي عليه السلام من طريق الخاصة وفيه خمسة أحاديث 30
8 الباب السابع والثلاثون والمائة في أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يوم القيامة حامل لواء الحمد وولي الحوض وساقيه من طريق العامة وفيه أحد عشر حديثا 34
9 الباب الثامن والثلاثون والمائة في أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يوم القيامة حامل لواء الحمد وولي الحوض وساقيه من طريق الخاصة وفيه تسعة عشر حديثا 40
10 الباب التاسع والثلاثون والمائة في أنه عليه السلام حامل اللواء يوم القيامة وساقي الحوض وقسيم الجنة والنار من طريق العامة زيادة في ما تقدم وفيه ثمانية وعشرون حديثا 48
11 الباب الأربعون والمائة في أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قسيم الجنة والنار من طريق الخاصة وفيه ثمانية عشر حديثا 59
12 الباب الحادي والأربعون والمائة في إمامة الامام الثاني عشر من الأئمة الاثني عشر: 77
13 الباب الثاني والأربعون والمائة في إمامة الامام الثاني عشر عليه السلام من الأئمة الاثني عشر 119
14 الباب الثالث والأربعون والمائة في ذكر ما استدل به الشيخ ابن طلحة على الامام المهدي عليه السلام 135
15 الباب الرابع والأربعون 142
16 نصيحة لطيفة وهداية شريفة نختم بها هذا الكتاب 150
17 في رسائل الجاحظ حول أحقية الأمير عليه السلام بالخلافة وأفضليته 153